شفق نيوز/ شهدت الأسابيع الماضية سلسلة هجمات شنها -في الغالب- مسلحون مرتبطون بتنظيم داعش على أهداف عسكرية وأخرى مدنية في كركوك؛ ما يثير مخاوف من عودة التنظيم إلى المحافظة المتنازع عليها بين بغداد واربيل.
واستعادت القوات العراقية، في الـ 8 من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قضاء الحويجة، من تنظيم داعش الذي سيطر عليه على مدى 3 سنوات بدءًا من صيف 2014، وهو آخر معاقل التنظيم في محافظة كركوك.
لكن عودة القضاء ليد القوات العراقية، لم تضع حدًا لمعاناة المحافظة التي يقطنها خليط من الكورد والتركمان والعرب.
وكان أكثر هجمات التنظيم دموية على المحافظة، وقع في الـ 19 من شباط/ فبراير الماضي، عندما نصب كمينًا لقافلة من قوات الحشد الشعبي الشيعية الموالية للحكومة في قضاء الحويجة الواقع على بعد 55 كلم جنوب غرب كركوك؛ ما أوقع 27 قتيلًا في صفوف الحشد.
وفي الـ 27 من شباط/ فبراير الماضي، شن مسلحون -يشتبه في انتمائهم للتنظيم- هجومًا على مقر لـ”الجبهة التركمانية” بقذيفة صاروخية؛ ما تسبب بخسائر مادية.
كما اغتال مسلحون مجهولون، مطلع كانون الثاني/ يناير الماضي، مسؤول الجبهة في الحي العسكري وسط مدينة كركوك، علاء الدين الصالحي.
والجبهة التركمانية، هي الممثل الرئيس للتركمان في العراق، وتشغل مقعدين في البرلمان العراقي من أصل 328، فضلًا عن 9 مقاعد من أصل 41 في مجلس محافظة كركوك.
وقال الفريق الركن المتقاعد في الجيش العراقي نجيب الصالحي، إنه “كان من المفترض، بعد إعلان النصر العسكري على تنظيم داعش، البدء بما يعرف باستثمار النصر، وهو مرحلة تبدأ حال الانتهاء من المعارك العسكرية، تتضمن الانتشار وملاحقة مَن تبقى من مسلحي داعش”.
وأضاف: “للأسف هذه الخطوة لم تبدأ، ولذلك استغل عناصر التنظيم هذه الفرصة، وبدأ شن هجمات على القوات الأمنية أوقعت خسائر”.
وأشار إلى “وجوب بدء القوات العراقية، عملية واسعة لملاحقة المسلحين بمناطق جنوب غربي كركوك، وصولًا إلى الحدود مع إيران؛ لضمان إنهاء نشاط الخلايا النائمة”.
وسيطر داعش على قضاء الحويجة وبعض المناطق المحيطة، في صيف 2014، إثر انهيار الجيش العراقي، لكن قوات البيشمركة الكوردية ساهمت في الحيلولة دون سيطرة التنظيم على بقية أجزاء المحافظة.
وعادت القوات العراقية لتنتشر بالمحافظة في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بعد اشتباكات محدودة مع “البيشمركة” في أعقاب تصاعد التوتر بين الجانبين، على خلفية استفتاء الاستقلال الذي أجراه الإقليم في الـ 25 من أيلول/ سبتمبر الماضي.
وبقيت مساحة من الأراضي خالية بين الجيش العراقي والبيشمركة في مناطق التماس بينهما، فيما يشبه “أرضًا محرمة” بين جيشين؛ ما وفر أرضية مناسبة لتحرك خلايا “داعش” النائمة، وشن هجمات في المناطق المحيطة انطلاقًا منها.
كما ينتشر مسلحو التنظيم في مناطق وعرة بسلسلة جبال حمرين الحدودية بين محافظات كركوك وصلاح الدين – شمال – وديالى – شرق – والتي تمتد من قرب الحدود السورية غربًا، وصولًا إلى حدود إيران شرقًا.
ويرى إسكندر وتوت، عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، أن “مناطق جنوب غربي كركوك بحاجة إلى عملية أمنية نوعية، يتم من خلالها إجراء تدقيق شامل للمنطقة، والتحقق من عدم وجود خلايا نائمة”.
ورغم الانتشار الكثيف لفصائل متعددة من القوات العراقية، تصاعدت وتيرة الهجمات خلال الأسابيع الأخيرة؛ ما غذّى إشاعات مفادها بأن “التنظيم سيجتاح مناطق في المحافظة، ويسيطر عليها على غرار ما حدث في 2014”.
لكن هذه الإشاعات اصطدمت بتعهد قادة الأمن العراقيين بـ”سحق بقايا” التنظيم في المحافظة.
وقال قائد العمليات الخاصة الثانية في جهاز مكافحة الارهاب، معن السعدي، إن “جهاز مكافحة الاٍرهاب المنتشر في عموم مدينة كركوك ومداخلها ومخارجها، سيسحق كل من تسول له نفسه المساس بأمن كركوك ومواطنيها ومؤسساتها، سواء أكانوا من فلول داعش أم مجرمين، أم أصحاب الرايات البيض وهم مسلحون غير مؤكدة هويتهم ويرفعون رايات بيضاء عليها صورة أسد”.
وأكد السعدي في بيان أن “هناك تنسيقًا كاملًا مع التشكيلات الأمنية كافة، والشرطة الاتحادية خارج حدود المدينة، هم أيضًا جاهزون لتلقين كل من يحاول زعزعة أمن وسلامة مواطنينا درسًا”.
وإثر تكرار الهجمات جنوب غربي كركوك، عززت قوات الشرطة الاتحادية عناصرها في تلك المناطق للحد من هجمات داعش، وضمان عودة آلاف النازحين إلى المناطق المحررة في قضاء الحويجة.
وقال العميد أثير محمد، الناطق الرسمي باسم قيادة الشرطة الاتحادية، إن “الوضع الأمني في مناطق جنوب كركوك مستقر وآمن، ولا يوجد أي تهديد إرهابي”.
وأضاف محمد أن “القوات الأمنية تعمل -حاليًا- على إعادة جميع النازحين إلى تلك المناطق بعد تطهيرها من العبوات الناسفة”.
ولفت إلى أن “ما يشاع حول عدم استقرار الأوضاع الأمنية في مناطق جنوبي كركوك، لا أساس له من الصحة”. بحسب الاناضول التركية.