شفق نيوز/ يناقش البرلمان العراقي في هذه الفترة مشروع قانون جديد يمنح امتيازات مادية ضخمة لأعضائه، وموازنة نصت على مخصصات باهظة للنواب دون مراعاة للازمة المالية الخانقة التي يعيش على وقعها العراق منذ مدة، هذا فضلا عن خرقهم للنصوص الدستورية في الغرض.
ويتضمن هذا القانون منح رئيس البرلمان ونائباه ما يتقاضاه رئيس مجلس الوزراء ونائباه من راتب ومخصصات تفوق في مجملها الامتيازات التي قررها النظام السابق رقم 50 لسنة 2007 حسب تقديرات لخبراء عراقيين.
ويمنح القانون لأعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 328 نائبا امتيازات ومخصصات مادية ضخمة على غرار أن يتقاضى النائب ما يتقاضاه الوزير من رواتب ومخصصات، كما يمنح النائب وأفراد عائلته جواز سفر دبلوماسيا لمدة ثماني سنوات، بعد انتهاء الدورة التشريعية للمجلس البالغة أربع سنوات.
كما يحق لرئيس البرلمان ونائبيه حسب نص القانون حق نيل مكافآت وامتيازات يحددونها بأنفسهم، حيث تشير المادة 24 على أن "يصدر الرئيس بالتوافق مع نائبيه تعليمات تحدد فيها مكافآت للرئيس ونائبيه والنواب وامتيازاتهم ومخصصاتهم".
وفي المادة 12 "يمنح النائب وأفراد عائلته جواز سفر دبلوماسياً ويحتفظ به لمدة ثماني سنوات بعد انتهاء الدورة التشريعية"، كما جاء في المادة 13 "يمنح الرئيس ونائباه والنواب منحة مالية غير قابلة للرد لمرة واحدة فقط خلال الدورة الانتخابية لتأمين المستلزمات الاجتماعية والأمنية لهم ويحدد مقداره بقرار من الرئيس ونائبيه"، وهو ما يشير إلى إمكانية حصولهم على مبالغ ضخمة غير واجبة السداد.
هذا وذكرت بعض المصادر أن البرلمان قد وافق مبدئيا على ميزانيته السنوية للعام المقبل، والتي تتضمن مخصصات عالية على غرار التغطية الصحية والملابس وشراء السيارات والدراجات الهوائية وغيرها بمبلغ قدر بنصف مليار دولار.
وتثير هذه الميزانية التي كشفت إيغال النواب العراقيين في نهج الفساد حفيظة العراقيين الذين يعيشون أزمة خانقة في ظل تبعات تراجع أسعار النفط على البلاد واستفحال الإرهاب، ولكن يبدو أن سبب الأزمة الحقيقية في العراق هم سياسييها بدرجة أولى.
وتجدر الإشارة أنه بناء على جملة من التقارير فإن راتب ومخصصات وامتيازات النائب العراقي تصنف ضمن أعلى المرتبات بين برلمانات العالم، ولكن السؤال الأهم هنا ماذا يقدم نواب العراق للعراقيين غير الفساد والغرق في مستنقع الإرهاب والطائفية حتى يحضون بمثل هذه المقدرات العالية؟.
وعلق بعض المراقبين العراقيين على الخطوة التي أقدم عليها "برلمانهم" بأنها تصب في خانة لا مبالاة هذا الهيكل بالوضع العام المستفحل في البلاد وتوجههم نحو مزيد إثقال كاهل الميزانية العامة للعراق بأعباء جديدة.
ويضيفون أن نواب العراق يحاولون تجاوز تراجع امتيازاتهم الشخصية نتيجة هبوط أسعار النفط بتشريع قانون على مقاس مصالحهم الضيقة وطمعهم الدائم في نهش ما تبقى من البلاد، وبالتالي يضمنون امتيازات تتجاوز في مجملها ما كانوا يحضون به في السابق دون اكتراث لمصلحة البلاد.
وعوض الالتفات إلى أزمات البلاد التي لا تحصى وعلى رأسها الوضع الأمني ومشكلة النازحين، يبدو أن البرلمان العراقي قد تجاهل عمدا أو نسي على وجه السهو انه يمثل شعبا مثقلا بالمشاكل، يعيش بعضه على حافة الجوع أو اشد. أو ربما أغمض نواب العراق أعينهم وصموا آذانهم عما هو دون قاعة البرلمان عندما وضعوا مواد هذا القانون وعندما أجمعوا مبدئيا بالموافقة عليه. أو لعلهم ـ وهو التقدير الأنسب ـ أردوا أن يواصلوا مسلسل فسادهم الذي لم ينتهي بعد، بل والذي أحاطوه بجيوش من المليشيات المدججة بالسلاح حتى يمتلكون القدرة على صم كل الأفواه التي قد تتجرأ على الاعتراض على أطماعهم ضاربين مصلحة البلاد عرض الحائط، ومتجاهلين أصوات الشعب الذي يئن في زوايا مختلفة ولأسباب مختلفة. middle-east-online