شفق نيوز/ كعادته، يخطو رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني بهدوء وانفتاح. يبحث عن المساحات المشتركة ليجمع المختلفين، يقوم بـ"تدوير الزوايا" ليعزز نقاط التفاهم بين المتخاصمين، أو لملاقاة المختلفين معه فاتحا أبواب الحوار والحلول المشتركة.
صارت عقوده الثلاثة في عالم السياسة دروساً متراكمة في "فن الممكن". بالمصارحة والتعقل، يفكك الأبواب السياسية التي قد تبدو بالنسبة الى كثيرين، مقفلة.
يقول دلشاد شهاب مستشار رئيس اقليم كوردستان لشفق نيوز، "يأتي دور رئيس الإقليم من منطلق إيمانه بلغة الحوار والتفاهم بمعالجة المشاكل وأيضاً شخصيته المتميزة التي تتسم بالمسؤولية".
وبرغم أن بداية رئاسته للإقليم جاءت في لحظة سياسية وأمنية مضطربة داخلياً وإقليمياً، إلا أن نيجيرفان بارزاني تمكن من تحويل الأزمات إلى فرص جديدة للتهدئة والتواصل. فرأيناه في أول زيارة له إلى الخارج رئيساً للاقليم، يحط في تركيا للقاء الرئيس رجب طيب اردوغان الذي كان دعاه لزيارتها، في وقت كانت العلاقات مع أنقرة متوترة في ما بعد استفتاء الاستقلال في الاقليم.
وتراه في طهران وباريس ودافوس وغيرها، طارقاً أبواب السياسة والاقتصاد، لكن الأهم أنك تراه أيضاً في بغداد التي يدرك محاذير الاضطراب فيها على العراق ككل وعلى إقليم كوردستان بالأخص، فيحاول دوماً نسج خيوط التفاهمات معها.
وها هو مثلاً يسارع بالأمس الى تهنئة مصطفى الكاظمي على نيله الثقة في البرلمان، ويراهن على حلول مشتركة بين الطرفين، مانحاً الأمل لتسوية ملفات التهبت مع بغداد مؤخراً بينها قضية قطع رواتب موظفي إقليم كوردستان.
يقول دلشاد شهاب إذا عدنا إلى الماضي قليلاً نرى أن إحدى خطواته المهمة بتشكيل حكومة موحدة في الإقليم بعد سقوط النظام العراقي السابق وجاءت في وقت كان يعاني الاقليم من مجموعة مشاكل معقدة على المستويين الداخلي والاقليمي، ولكن لتمتعه بنفس طويل في معالجة الأمور وإيمانه بلغة الحوار والتفاهم والعمل المشترك تمكن من التغلب على جميع هذه المشاكل".
وأوضح شهاب، "لهذا أعتقد أن نجاحه يتوقف على ركيزتين أساسيتين، إحداهما إيمانه بالحلول، والثاني إيمان الطرف الآخر سواء داخلياً أو خارجياً بتوجهاته ورؤيته بالإضافة إلى أن الشعب الكوردستاني دائماً ينتظر منه التدخل في معالجة أمور وإن لم تكن على علاقة مباشرة به".
يتسلح نيجيرفان بارزاني ليس فقط بعلاقاته الدبلوماسية الإقليمية والداخلية وحدها من أجل تقليص مساحات الاختلاف لصالح التقارب مع الخصوم فحسب وتحقيق المكاسب الاقتصادية للإقليم، وإنما أيضا بمهاراته الشخصية الخاصة في إدارة الخلافات والأزمات.
يضاف الى كل ذلك، ارثه العائلي الذي يعزز حضوره، فهو حفيد الملا مصطفى بارزاني، وهو نجل مهندس الثورة الكوردية ادريس بارزاني.
وهكذا تدرج في اتقان فن السياسة التي تلقى علومها في جامعة طهران. فمن الجامعة الى النشاط السياسي، الى الحزب ثم الى حكومة الاقليم ثم الرئاسة. صار في موقع يتيح له أن يقول فيستمع له الآخرون، وإذا اقترح انصتوا إليه بدقة.
قبل ايام، أكد على وحدة الصف بين الحزبين الديمقراطي والاتحاد الوطني، بعد المشكلة الأمنية التي جرت في "زيني ورتي" في محافظة اربيل. قال انهم شركاء.
هكذا مثلا يكسر نيجيرفان بارزاني دائرة التوتر بين متخاصمين ويعمل على توحيد البيت الكوردي. وقال دلشاد شهاب "أحد المهام التي يؤدي رئيس الإقليم دوراً فيه وفي نفس الوقت المجتمع الكوردستاني توحيد البيت الكوردي وبنفس الوقت هو مؤمن بهذه القضية وان تكون رئاسة الاقليم بيتاً لجميع المكونات بمختلف ألوانها وعقدت عدة اجتماعات لجميع الاطراف الكوردستانية في الفترة السابقة".
وبعد بروز عدة مشاكل والسجال الاعلامي بين الحزبين الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني وإعلان الطرفين استعدادهما للجلوس على طاولة الحوار، قال شهاب انه "في هذه الحالة يجب ان يكون هناك طرف ثالث يؤدي دور التقارب، ورأى الجانبان أن الشخص والمكان الأنسب رئاسة الاقليم، وانه بيت الجميع والجميع متفقون ان رئاسة الاقليم هي الخيمة التي تجمع الكل، ولهذا بعد استعداد الطرفين للحوار دعا سيادته لعقد اجتماع تحت اشرافه وأدائه لهذا الدور وهو يأتي في إطار محاولاته القضاء على المشاكل الداخلية وتنظيم العلاقات داخل البيت الكوردستاني".
وحول الأزمة بين بغداد وأربيل، قال شهاب إن "مشاكل بغداد وأن لم تكن على علاقة مباشرة مع الإقليم، لكن رئيس الإقليم يعتقد انها جزء من مشاكلنا أيضا ويعتقد أن كل مشكلة في بغداد لها انعكاساتها على الإقليم“.
وأضاف، "على سبيل المثال عندما توتر الوضع السياسي وخرجت تظاهرات مناهضة للحكومة في الوسط وجنوب البلاد في اكتوبر/تشرين الاول الماضي، تعامل سيادته مع الشخص المباشر في الحكومة العراقية على اعتبار ان لها علاقة بالاقليم. انه يعتقد انه ليس ممكنا ان يعيش العراق في توتر والاقليم بعيدا عنه او بالعكس ولهذا دائما خطابات رئاسة الاقليم في القضايا المتعلقة ببغداد يؤكد فيها ان مشاكل العراق هي مشاكلنا ولا ننظر اليها برؤيتين مختلفتين ومنذ بدء محاولات تشكيل الحكومة الجديدة يحاول بان يكون الهدف الاول تشكيل حكومة لتجاوز هذه المرحلة وهذه الازمة وان تكون حكومة وطنية ضامنة للاستحقاق الدستوري والقانوني لجميع المكونات العراقية".
وأضاف "إجماع كل هذه العناصر الأساسية لنجاحه أساسه ثقته بنفسه وأيضا ثقة الأطراف الأخرى به والشعب أيضا يؤمن بأنه شخصية ناجحة واعتقد هذا من حسن حظ الإقليم بأن تجتمع كل هذه العناصر والصفات في شخص كنيجيرفان".