شفق نيوز/ قدم عازف كمان عراقي عرضا موسيقيا هو الأول له منذ أن سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على الموصل منذ 3 سنوات وسط أنقاض موقع أثري يقدسه المسلمون والمسيحيون في المدينة.
وعزف أمين مقداد، 28 عاما، ألحانا ألفها سرا عندما كان يعيش تحت حكم التنظيم المتشدد حتى قام مسلحو التنظيم بمصادرة آلاته الموسيقية، ما دفعه إلى الفرار إلى بغداد لكنه عاد إلى مدينته الأربعاء.
وتمكنت القوات العراقية من استعادة أجزاء كبيرة من المدينة خلال العمليات المستمرة منذ نحو ستة أشهر.
ولم يحضر الحفل سوى 20 شخصا في الوقت الذي كان يقطع صوت الموسيقى دوي انفجارات وصوت الأعيرة النارية من الأحياء الغربية في الموصل حيث لا تزال القوات العراقية، المدعومة من الولايات المتحدة، تحارب تنظيم الدولة الإسلامية لاستعادة السيطرة على باقي أجزاء المدينة عبر نهر دجلة.
وحظر التنظيم الترفيه منذ أن سيطر على المدينة بما في ذلك عزف الموسيقى ومشاهدة التلفاز والأقمار الصناعية واستخدم الهواتف والتدخين، وكان يعاقب من يخالفون ذلك بالقتل أو الجلد.
وقال مقداد لوكالة رويترز "أود أن أستغل الفرصة لأبعث رسالة للعالم وأوجه ضربة للإرهاب وكل الأيديولوجيات التي تقيد الحريات بأن الموسيقى شيء رائع. وكل من يعارض الموسيقى يروج القبح".
وأقيم الحفل، الذي انتشرت صوره على مواقع التواصل الإجتماعي، في موقع أثري يعتقد أنه المكان الذي دفن فيه النبي يونس والذي فجر المتشددون أجزاء منه في 2014.
وقال مقداد "هذا المكان للجميع وليس لطائفة واحدة. داعش لا تمثل أي دين لكنها أيديولوجية تقمع الحرية."
وبحسب رويترز، رفض الجنود الذين يحرسون الموقع، الذي يقع قرب آثار نينوى، في بداية الأمر السماح بدخول الناس بعد دوي انفجار صاروخ على مقربة منه، قائلين إنهم لا يستطيعون ضمان سلامة الجمهور، لكنهم أذعنوا في وقت لاحق وانضموا بعد ذلك إلى الجماهير.
وقالت تهاني صالح التي تقول إنها أجبرت على التخلي عن دراستها الجامعية "كان الحفل كالحلم. أردت أن أحضر لأبعث برسالة بأن الحرب لم توقف الحياة في الموصل. يمكنك أن ترى الدمار هنا لكننا لا نزال نريد أن نكون سعداء. نريد سماع الموسيقى."
"تحدينا الموت"
وأقيم آخر عرض موسيقي لمقداد في المدينة في 10 يونيو/حزيران 2014 وهو نفس اليوم الذي سيطر فيه التنظيم على المدينة حيث وقف على سطح منزله ليعزف منفردا، بحسب ما أوردت صحيفة ديلي تلغراف.
وقال مقداد، الذي تعلم الموسيقى بنفسه، للصحيفة البريطانية إنه أخفى آلتي الكمان والتشيلو في الطابق السفلي من منزله وفر وأسرته إلى العاصمة بغداد.
وعندما عاد بعد أشهر إلى مدينته لاستعادة آلاته سمح له مسلحو التنظيم بدخول الموصل لكنهم لم يسمحوا له بالمغادرة وهو ما دفعه إلى مواصلة العزف سرا حتى صادر التنظيم آلاته وهدد بإنزال عقاب شديد به، لكنه تمكن من العودة إلى أسرته في بغداد عندما حققت القوات العراقية انتصارات شرقي الموصل.
وأضاف مقداد "الناس يحبون الموسيقى لكنهم كانوا يخافون من سطوة التنظيم، لكننا تحديناه وخاطرنا بحياتنا".
وقال حكم أنس، وهو أحد أصدقاء مقداد وقد أسس معه ناديا للموسيقى، مستعيدا ذكريات حكم التنظيم إلى المدينة، "توقفت عن العزف لأني كنت خائفا بشدة لكن أمين استمر. حاولنا إقناعه بأنه قد يُقتل بسهولة لكنه استمر في العزف."
ويعتقد أن المدون المسؤول عن وكالة "عين الموصل" الإخبارية ساعد في تنظيم الحفل وترتيب عودة مقداد إلى الموصل.
وأوردت صفحة الموقع على الإنترنت أن الهدف من الحفل "إرسال رسالة إلى العالم بأن الموصل مستعدة لاستقبال الكتب والموسيقى من جديد رغم أن نصف المدينة ما زال تحت القصف".
وأضاف "لقد تحقق الحلم. الموضوع بسيط كما يبدو فقد بدأ كحلم لكنه تحول اليوم إلى حقيقة".