شفق نيوز/ تعكس الانباء عن ظهور تنظيم جديد مرتبط بايران باسم "الجيش الاسلامي للمقاومة (جسم)" في العراق، انتقالا محفوفا بالمخاطر والاحتمالات على الساحة العراقية والاقليمية، وتحولا في الاداء منذ أيام تشكيل منظمة بدر في الثمانينيات من القرن الماضي في أوج الصراع مع نظام صدام حسين٬ وصولاً لتشكيل جيش المهدي بزعامة مقتدى الصدر لقتال الجيش الامريكي بعد ٢٠٠٣٬ الذي انبثقت منه اغلب الفصائل الشيعية الحالية٬ انتهاء بتكوين الحشد الشعبي.
وتؤشر فكرة تشكيل الفصيل الجديد تكتيكا ايرانيا بالتعاون مع حلفاء من مجموعات عراقية، الى احتمال اللجوء الى خيار مختلف في مرحلة ما بعد اغتيال قائد قوة القدس قاسم سليماني وابو مهدي المهندس، والتي اعلن بعدها المرشد الايراني علي خامنئي بدء العمل على اخراج القوات الاميركية من العراق والمنطقة.
ومما لا شك فيه، فان اغتيال سليماني والمهندس وجه ضربة قاسية لفصائل "الحشد الشعبي" لا على الصعيدين العسكري والأمني فحسب، وانما ايضا على الصعيد السياسي، ذلك ان الاغتيال اعاد بشكل ما، فتح باب الاسئلة حول مصير "الحشد" برغم انه صار "رسميا" جزءا من القوات المسلحة العراقية وتأتمر بأمرة القائد العام للقوات المسلحة منذ العام 2016.
واللافت ان تشكيل الفصيل واعداده والتي نشرت تفاصيله شفق نيوز٬ تتزامن مع المرحلة السياسية الدقيقة التي يمر بها العراق مع تبلور حكومة مصطفى الكاظمي، وربما تستدعي من وجهة نظر ايرانية – "حشدية" وجود هذا التنظيم.
فلقد وصلت بوضوح رسالة خامنئي في يوم تأبين سليماني والمهندس الذي تزامن مع الضربة الصاروخية التي نفذتها ايران ضد قواعد عسكرية اميركية في العراق، حول ضرورة اخراج القوات الاميركية من العراق والمنطقة في كانون الثاني الماضي.
ولهذا، فانه من خلال قراءة هادئة، يمكن ادراج خطوة تشكيل تنظيم "جسم" في سياقين متوازيين: أولا استشعار ايراني لحساسية المشهد السياسي في بغداد في مرحلة ما بعد انهيار حكومة عادل عبدالمهدي وتشكيل حكومة الكاظمي، مع متطلبات استكمال الرد العسكري الايراني، وبالتالي ضرورة العمل من خارج أطر "الحشد الشعبي" لتجنب احراج القوى السياسية والقوات المسلحة.
اما السياق الثاني، فيتعلق بأوليات ميدانية مرتبطة بتنفيذ ارشادات خامنئي لتحقيق هدف اخراج القوات الاميركية، اذ كما بات واضحا فان فصائل "الحشد الشعبي" التي تخطي عددها ال60 منذ بدء تجمعها في اذار 2014 استجابة لفتوى الجهاد الكفائي التي اطلقتها المرجعية الممثلة بالسيد علي السيستاني، اصبحت اما شديدة الانتشار ميدانيا او الانكشاف أمنيا، أو الالتصاق بالمعادلات السياسية.
تحتاج طهران الى "تحرر" ما من كل هذا القيود والمثبطات في مرحلة ما بعد سليماني والمهندس. ان تنظيم "الجيش الاسلامي للمقاومة" يخدم هذه التوجه تماما، وهو بهذا المعنى يحرر تنظيم "جسم" من قيود السياسة الداخلية والمرجعية تماما. ففي أمر العمليات والتكليف الذي تلقاه خليفة قاسم سليماني في "قوة القدس" اسماعيل قااني، كان خامنئي واضحا: السير على طريق سليماني واستكمال مهمته بمواجهة الحضور العسكري الاميركي في المنطقة.
ولقد ارتبطت عموم فصائل "الحشد الشعبي" بنفوذ قاسم سليماني بشكل واضح برغم القيادة الميدانية المباشرة التي أداها أبو مهدي المهندس، وهي تتعرض منذ عامين الى ضربات جوية ينفذها سلاح الجو الاميركي سواء داخل العراق او حتى سوريا، ما تسبب في احتقان العلاقات السياسية والامنية بين بغداد وواشنطن، بل أيضا بين طهران وبغداد.
"الجيش الاسلامي للمقاومة" يبدو محاولة اعادة تموضع من جانب ايران في الشق العسكري في الميدان العراقي. وهو ما عبر عنه المسؤول العسكري الذي تحدث الى شفق نيوز عندما أشار الى عناصر الفصيل الجديد على انه جرى اختيارهم من جانب الحرس الثوري الايراني وتلقوا تدريبا نوعيا، ويضم مقاتلين نخبة من كل من حركة عصائب أهل الحق، كتائب حزب الله العراق، منظمة بدر، حركة النجباء، ومن فصائل اخرى.
تشترط عضوية التنظيم عدم الارتباط باي هيئة عراقية ولا حتى ب"الحشد" بأي شكل من الأشكال. المتوقع بهذا المعنى، الا تحسب اي من نشاطات "جيش المقاومة"، على جهة عراقية رسمية ما يعني ان خططها وقرارها سيكون محكوما برؤية ايرانية سواء عبر اسماعيل قااني مباشرة، او قائد هذا التنظيم، بحسب المصدر العراقي، ماجد مزعل عاصي الشرهاني الطرفي، وهو من اصول عربية ايرانية في الاحواز ونال الجنسية العراقية العام 2007، ونصبه قاسم سليماني بنفسه قبل أيام من اغتيال الاميركيين له.
اذا، المقبل من الاسابيع والشهور، مرشح لرؤية انماط عمل عسكرية مختلفة، وربما أكثر مباشرة وحدة مع تصاعد تبادل اللكمات الاميركية -الايرانية، قد تكون ساحتها الاكثر ترجيحا في العراق، لكن نيرانها قد تكون أكثر اتساعا.