شفق نيوز/ في قصةٍ أشبه ما تكون بالهوليودية والخيالية، استطاع شاب لبناني إيجاد عائلة والده في محافظة كركوك شمال العاصمة بغداد، بعد بحث استمر أكثر من 35 عاما.
وبدأت معاناة الشاب اللبناني محمد داود أحمد (40 عاما) -من أب عراقي وأم لبنانية- بعد أن فقد والده داود (مواليد 1950) في الحرب الأهلية اللبنانية عام 1986، وهو في السادسة من عمره، وتحمله ضغوط الحياة مع أمه وشقيقته التي تصغره بعامين.
وكان والده سافر إلى بيروت في سبعينيات القرن الماضي، وتزّوج عام 1979 من امرأة لبنانية تدعى خديجة أحمد، وعاش في لبنان، واقتصر التواصل مع أهله في العراق على الرسائل فقط.
واعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي داود عام 1983 وحتى منتصف عام 1984، وتمت مصادرة جميع أوراقه الثبوتية، وهذا ما حوّل أيام ابنه محمد إلى سلسلة من المعاناة.
مهمة صعبة
وبعد الإفراج عنه، لقي والده مصرعه أيام الحرب الأهلية في منطقة النبطية (جنوبي لبنان) سنة 1986، مخلفا وراءه ابنا في السادسة من عمره وطفلة في الرابعة من عمرها مع زوجة في عمر الزهور.
ومنذ مقتل الزوج، حاولت الزوجة التواصل مع عائلته في العراق، لكنها واجهت تعقيدات كثيرة صعّبت المهمة عليها.
وبعد بلوغه سن الرشد، سعى محمد كثيرا من أجل إيجاد أهل والده في العراق، ويتحدث عن ذلك بالقول "منذ عام 2000 وأنا أبحث عنهم، وفي كل مرة تفشل محاولتي، وتعرضت لعمليات ابتزاز كثيرة من أشخاص أخذوا مني أموالا طائلة ووعدوني بالمساعدة لكنهم لم يفعلوا".
ويضيف الشاب اللبناني "تواصلت أكثر من مرة مع السفارة العراقية في بيروت، وبسبب عدم امتلاكي أي أوراق ثبوتية تثبتُ جنسيتي العراقية بسبب مصادرة جميع وثائق والدي أثناء اعتقاله من قبل الاحتلال الإسرائيلي، لم أصل إلى أي نتيجة، وكانت السفارة العراقية تكتفي بأخذ اسم والدي ولقبه".
وبعد بحثٍ من الأسرة استمر أكثر من ثلاثة عقود ونيف، تعرّف الابن عبر فيسبوك على ناشط مدني من كركوك يدعى نبز هماوندي، وطلب منه المساعدة في إيجاد أهل والده لكونه من المدينة التي ينتمي إليها.
اتصال مفاجئ
يقول الناشط المدني إن محمد روى له قصة حياة والده، وكيف عاش المعاناة خلال البحث والتحري عن أهله في العراق، وطلبت منه إرسال الاسم الكامل لوالده وصورته، وبعدها نشرتها على صفحتي الخاصة بفيسبوك، ولم تمر إلا ساعتان ووردني اتصال يصفه "بالمفاجأة".
ويتحدث هماوندي عن المفاجأة قائلاً "اتصلت بي امرأة وسألتني عن الاسم والصورة للشخص المنشور، ومن أين جئت بهما؟ وقالت "هذا أخي، لم نسمع عنه شيئا منذ أكثر من 35 سنة".
وبعد التواصل ثلاثة أيام، والتأكد من المعلومات المتعلقة بالعائلتين، توصّل الناشط المدني إلى عائلة والد الشاب اللبناني في بيروت، وأمّن معهم الاتصال... واصفا ما جرى بأنه أشبه بالقصة الهوليودية.
لم يمض سوى أسبوع واحد، حتى قطع الشاب اللبناني المسافة من بيروت إلى محافظة كركوك عبر مطار أربيل الدولي للقاء أعمامه وعماته، واصفا اللحظات الأولى من لقائهم قائلاً "رأيت أبي الذي فقدته وأنا صغير في وجوههم". ويضيف ماسحا دموعه "كم تمنيت أن يكون والدي معنا ونكمل الفرحة سويا". ويذرف الدموع أكثر ويعتذر عن سرد بقية القصة.
وتصف ميساء (38 عاما) -وهي شقيقة الشاب اللبناني- لقاءها مع عائلة والدها في العراق "بالمعجزة"، وقالت إن صورة والدها الراحل تجددت أمامها وتولد لديها إحساس لا يمكن وصفه.
وبعد اللقاء بعائلة والده في كركوك، يطمح الشاب اللبناني إلى الحصول على الجنسية العراقية، إلا أن عدم وجود الوثائق المطلوبة يصعب على الشقيقين المهمة.
صلاح حسن بابان - الجزيرة