شفق نيوز/ بعد دحر تنظيم داعش في آخر معاقله في الموصل في كانون الاول عام 2017 بعد ان احتلها في حزيران 2014، كان الجميع يأمل ان تطوى صفحة هذا التنظيم نهائيا وتنحسر تأثيراته على المشهد العراقي؛ لاسيما ان جملة امور ما تزال معلقة ولم تحسم حتى الآن برغم مرور السنوات؛ وفي طليعة ذلك ملف النازحين من المدن التي احتلها داعش قبل تحريرها.
ولكن تطورات امنية خطيرة تتصاعد في المناطق ذاتها التي تحررت من داعش التي يفترض انها تخلصت منه، فأحيا التنظيم "الخلايا النائمة"؛ ليشن عمليات متكررة أعادت إلى الأذهان تحركات التنظيم قبل اجتياح شمالي وغربي البلاد.
لقد جرى ذلك في ظل تصارع القوى السياسية وخلافاتها على المناصب، وفي ظل غياب التنسيق الامني الفاعل بين قوات الجيش العراقي والحشد الشعبي من جهة وقوات البيشمركة التي كان لها دور فاعل في دحر داعش وهزيمته.
وكذلك تصعيد قوى سياسية خطابها ضد تواجد قوات التحالف الدولي في الاراضي العراقية في ضوء الخلاف الامريكي الايراني، الامر الذي دفع تلك القوات الى الانسحاب من بعض القواعد العسكرية الهامة وانحسار حركتها ورصدها الجوي.
ويقول الخبير الأمني ماجد القيسي في تصريح لشفق نيوز إن "تنظيم داعش استغل سابقا ظروف انشغال القوات الأمنية بانتشار كورونا وتوقف التحالف الدولي لمدة 60 يوما؛ وكذلك الوضع السياسي وتشكيل الحكومة، ليشن هجمات على عدة مناطق في جنوب كركوك وصلاح الدين والموصل".
ويضيف أن "هذه المناطق كانت تغطى من قبل التحالف الدولي ضمن الاستطلاع والرصد المستمر، لكن انسحاب قوات التحالف من قاعدة القيارة وقاعدة كي وان باتجاه اقليم كوردستان وقاعدة عين الاسد، تسبب بمنع وصول المعلومات عن تحرك عناصر داعش إلى القوات العراقية".
ويشير القيسي إلى أنه "لا أحد يستطيع أن يحدد عدد عناصر تنظيم داعش، فان القوات الأمريكية لها تقدير والعراقية هي الأخرى لها تقدير بعدد العناصر، إلا أن عددهم الحقيقي لا يمكن تحديده".
وكان العراق قد أعلن النصر على داعش عام 2017 بعد ثلاث سنوات من الحرب الطاحنة، دعمت خلالها دول التحالف الدولي بقيادة أمريكا القوات المحلية من الجيش العراقي والبيشمركة وغيرها.
واستعاد العراق ثلث مساحة البلاد التي اجتاحها التنظيم في هجوم خاطف صيف 2014 إثر إنهيار قطاع كبير من الجيش العراقي.
وظل تنظيم داعش يحتفظ بخلايا نائمة داخل المدن والبلدات وكذلك في المناطق النائية وتتألف من مقاتلين يقدر عددهم بنحو 2000 مسلح.
وكان نشاط التنظيم محدوداً للغاية طيلة الفترة الماضية لحين مغادرة قوات التحالف الدولي عدة معسكرات في شمالي وغربي البلاد، حيث كانت تلك القوات توفر المعلومات الاستخباراتية وتشن ضربات جوية على أهداف التنظيم.
ولم يعد الوضع على هذا النحو منذ أسابيع، حيث بدأ التنظيم بشن هجمات نوعية واسعة تستهدف في الغالب أفراد الأمن وخاصة الحشد الشعبي ما أوقع مئات الضحايا.
ويبدو أن التنظيم الذي يحاول إعادة لملمة نفسه بحاجة ماسة إلى نصر حتى لو كان إعلامياً لرفع معنويات مقاتليه وحاضنته الاجتماعية بعد خسارة "دولة الخلافة" وزعيمه أبو بكر البغدادي.
ولا شك إن الزعيم الجديد للتنظيم أبو إبراهيم الهاشمي القرشي لن يدخر أية فرصة لإثبات وجوده والإيحاء لاتباعه بأنه قادر على تكملة مسيرة سلفه.
ويقول الخبير القيسي إن "الاستخبارات العراقية تعمل على تحديد مكان تواجد زعيم داعش أبو إبراهيم الهاشمي القرشي سواء كان على الأراضي العراقية أو السورية'، مشددا على انه "عندما يحدد مكان القريشي سيتم اتخاذ الإجراءات المناسبة أو تكرار سيناريو مقتل البغدادي".
ورغم أن المشهد لا يوحي بالطمأنينة، إلا أن عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية بدر الزيادي يرى أن القوات العراقية ستتمكن قريباً من احتواء تحركات التنظيم.
ويقول الزيادي لشفق نيوز، إن القوات العراقية "قادرة على إنهاء ملف داعش بالعراق".
ويضيف أن "التنظيم الارهابي لا يستطيع أبداً إعادة تنظيم صفوفه"، منوهاً إلى أن "أعداد مسلحي التنظيم المتواجدين حاليا لا يتجاوزن 300 عنصر في جميع المدن والمناطق العراقية"، حسب قوله.
ويتابع بالقول، إن "المدة المقبلة ستشهد تحسنا كبيرا في الأوضاع الأمنية وإنهاء ملف داعش بالعراق، بعد اعتقال المئات من عناصر وقيادات التنظيم".