شفق نيوز/ يد الغدر التي امتدت الى الباحث العراقي هشام الهاشمي أرادت اسكات عقله الذي سخّره لخدمة العراق، وأبحاثه التي وضعها في خدمة المعرفة والوعي من مخاطر الإرهاب والفساد والطائفية.
وربما ليست من المبالغة القول ان هشام الهاشمي كان بمثابة كتيبة عراقية رديفة ساهم في كشف تنظيمات الإرهاب وفضحها، بعقله ومعلوماته، عندما ظل لسنوات بينما الارهاب يفتك باخوانه العراقيين، يرسم صورة تفصيلية عن التنظيمات والأفراد التي اختارت التي عملت في خدمة المشروع الارهابي في العراق، وفي خط مواز كانت القوات المسلحة العراقية والبيشمركة والحشد الشعبي، تخوض معاركها الميدانية.
كيف لا وإن حادثة اغتياله اجمعت استنكاراً شديداً من الداخل والخارج.
فهاشم الهاشمي، وهو من مواليد بغداد 1973، كان بمثابة قوة ضاربة بخبرته وتحليلاته التي ساهمت في بث الوعي في بلد يراد اغراقه بالجهل والموت، وهنا تكمن قوته، وأيضا دناءة الرصاصات التي اطلقها القتلة عليه قرب منزله في بغداد.
وقد تخصص الهاشمي، كمؤرخ وباحث في الشؤون الأمنية والاستراتيجية والجماعات المتطرفة، وكان من أبرز المتخصصين بملف تنظيم داعش وأنصارها، وهو متابع دقيق للجماعات الإسلامية العراقية منذ العام 1997، عوَمِل في تحقيق المخطوطات التراثية الفقهية والحديثية، مع أن تحصيله الأكاديمي بكالوريوس إدارة واقتصاد - قسم الإحصاء.
ولقد برع أيضا في وضع الاصبع على الجرح العراقي. في التغريدة الاخيرة له على تويتر، كتب الهاشمي قبل ساعات من جريمة اغتياله:
تأكدت الانقسامات العراقية ب: 1-عرف المحاصصة الذي جاء به الاحتلال "شيعة، سنة، كرد، تركمان، اقليات"، 2-الاحزاب المسيطرة (الشيعية، السنية، الكردية، التركمانية...) التي أرادت تأكيد مكاسبها عبر الانقسام، 3- الاحزاب الدينية التي استبدلت التنافس الحزبي بالطائفي.
لم يعرف الهاشمي بنفس طائفي او مذهبي، من خلال اطلالاته الاعلامية المحلية والأجنبية، او من خلال مقالاتها المنشورة على وكالة شفق نيوز من جهة، او بالقراءات المتنورة التي استعانت بها الوكالة. وكان متوازنا بقدر ما يتطلبه احتراف الباحث واستقلاليته. وربما لهذا أيضا، امتدت إليه رصاصة الغدر لإسكاته لتغلب اصوات الفتنة والانقسام.
تم اعتقال الهاشمي والحكم عليه بالسجن من قبل نظام صدام حسين، وقد خرج من السجن العام 2002، وبعد عام 2003 انصرف إلى العمل في الصحافة، وبدأ يشارك في كتابة التقارير والوثائقيات مع الصحف والقنوات الأجنبية.
بالإضافة إلى ذلك، كان يكتب مدونة عن خريطة الجماعات المسلحة في العراق، ولم يكن يوماً عضواً في الجماعات المتطرفة، لا سيما أنصار الإسلام وتنظيم القاعدة وفروعها وداعش.
وتحكم الجماعات المتطرفة على الهاشمي بأحكام مختلفة، منها الردة والعمالة بسبب مواقفه المناهضة لهم. ويعد الهاشمي أول من أماط اللثام عن قيادات جماعة داعش في كُلٍ من العراق و سوريا، حيث أفصح عن أسماء ومعلومات تخص قيادات التنظيم وآلية عملهم. وخلال تشييعه اليوم، كشف شقيقه ان عصابة داعش هددت هشام الهاشمي بالقتل.
وبالامس ايضا كتب الهاشمي مغردا "بين الهيبة والسيادة ضاعت حقوق ودماء وكرامة العراقيين، وذهبت أموالهم في جيوب الساسة الفاسدين".
ومن الطبيعي ان مواقف كهذه للهاشمي، خلقت له أعداء كثيرين ومن كل الاطياف في بيئة لم تتعود حتى الان على تحمل الرأي المغاير ولو كان سلميا ووطنيا جامعا ككلام الهاشمي، فتجيز لنفسها اغتياله، في حين ان كثرة "اعدائه" تساهم في "تضييع" دمائه بين القبائل، فلا يعرف الجاني الحقيقي لو حتى لو عرف مطلق النار.