شفق نيوز/ بدأ فن تحويل قطع الخردة الى تحف يستهوي بعض الشباب العراقي، في فرصة للابتكار والتعبير عن الضغوط داخلهم وتخليص البلد الزاخر بالمخلفات الصناعية من بعض اعبائه.
وتتميّز الأعمال الفنية المنتجة عن طريق الخردة بأنها نُفذت من نفايات الحديد بطريقة إعادة التدوير.
يحاول فنانون عراقيون تجميع الخردة وتطويعها باللحام لتأخذ شكلا تعبيريا يعطي إشارة ما عن الطبيعة والإنسان.
ويتوجه بعض الفنانين الشباب عادة الى جمع الخردة القديمة من المحال التجارية وورش تصليح السيارات والحدادة وعمل تحف فنية منها، ولدى بعضهم القدرة على إضفاء لمسات ساحرة على الخردة وتحويلها الى تحف بحرفية بارعة تعبر عن حالات التحول في المجتمع العراقي.
بعض الفنانين الشباب أكدوا أن هذا الفن موجود وشائع في أوربا ولكن لا توجد نماذج عراقية منه، كما يقول الشاب عبد القادر النائب وهو صاحب ورشة لفن الخردة.
ويضيف عبد القادر النائب أن هذا الفن يساهم في الحفاظ على البيئة من خلال تحويل النفايات إلى تحف فنية ممكن أن تباع او توضع في المعارض وان الفكرة مأخوذة من الفن العالمي وتعتمد على تكرير نفايات ليست لها قيمة وتحويلها إلى تحف ذات قيمة خصوصا مع توفر المادة الخام في العراق بكثرة.
النائب أوضح انه لا يوجد إطار معين أو قالب جاهز لتحويل الخردة إلى تحف فنية لأن تحويلها يعتمد على أفكار الأشخاص وتفاوت قدراتهم وأذواقهم.
ويضيف أن احد الأصدقاء دعمه بالمال والمستلزمات المهمة في العمل لكنه لم يحصل على أي دعم حكومي في مجال عمله، وهو ومنذ سنوات يعمل على تطوير نفسه وانجازه في هذا المجال متأملا النماذج العالمية لكن من دون محاولة تقليدها.
ويسهب النائب في شرح عمله قائلا إنه يقوم بجمع الخردة من الشوارع وورش التصليح ويحصل من بعض الأصدقاء على قطع الغيار التالفة الخاصة بالسيارات والدراجات النارية والمحركات.
ويشير الفنان إلى انه بعد حصوله على الخردة يفكر مسبقا في طريقة لإعادة صياغة ما حصل عليه منها وتحويله إلى تحف فنية وأشكال تعبيرية مختلفة.
النائب قال إن الهدف من ذلك هو تعريف الناس بضرورة الحفاظ على البيئة والإفادة من الأشياء التالفة وتحويلها الى أشياء مفيدة، ويعرب عن سروره لما تحظى به أعماله من قبول لدى الناس واستحسان.
وأكد عبد القادر في ختام حديثه انه يشارك في المعارض المحلية ويبيع معروضاته من دون أن يحدد لها ثمنا لكنه يترك للزبائن تقدير أثمانها.
حمد العامري زميل النائب ويساعده في عملية جمع ونقل الخردة وصف عبد القادر بالإنسان المثابر والصبور وصاحب أول ورشة لصناعة الخردة في العراق.
العامري أكد أن عبد القادر لا يتعب ولا يتذمر من عمله فهو يخرج صباح كل يوم لجمع الخردة من مختلف المناطق ويعود إلى الورشة ليقوم بفصل الأغراض وتجهيزها من اجل إعادة صناعتها بشكل جديد وجميل.
ويبدو أن فن الخردة من الفنون غير المعروفة على نطاق واسع في العراق، فكثير من الناس يستغربون هذا الفن الذي لا يجد تسويقا له إلا في نطاق ضيق، وتعد صفحات التواصل الاجتماعي أفضل وسيلة للموهوبين لترويج منتجاتهم وأعمالهم.
عمر عبد الله شاب من مدينة البصرة حاصل على دبلوم في الفنون الجميلة موهوب هو الآخر في مجال فن الخردة.
ويقول عمر انه يحصل على قطع الخردة من أماكن النفايات المعروفة بالسكراب ومن بعض الأصدقاء الذين يحاولون مساعدته في جمعها.
بدأ عمر العمل في هذا الفن خلال فترة دراسته التي تضمنت تعليمه فن النحت ونال إعجاب وتوجيهات أساتذته، واستطاع أن ينجز أول عمل فني له من قطع الخردة ولاقى استحسان الكثيرين من زملائه في الكلية.
يقول عمر انه يحب هذا الفن كثيرا وقرر الخوض فيه بعد اطلاعه على نماذج فنية عالمية في الانترنت، وانه حاول صناعة شيء يشبه ما يصنعه الفنانون العالميون من الخردة حتى تكونت لديه المعرفة الكاملة التي تمكّنه من إنتاج الأعمال بطريقة احترافية.
"من ابرز ما تتصف به هذه الأعمال هي تحقيق الصدمة لدى المشاهد والسؤال عن طريقة صنعها عبر إتقان تجميع القطع بشكل يتناسب والرؤية البصرية، وهذا العمل هو فرصة للابتعاد عن الاوضاع السياسية والأمنية المتردية في العراق وما يترتب عليها من قلق ورعب" يضيف عمر.
ويقول أيضاً إن هذه الأعمال ليست أشكالاً جميلة تعرض وتباع فحسب، بل فيها أيضاً من الإيحاءات والرموز التي تتناول القضايا الأساسية المتعلقة بالحياة.
ويبدو واضحا أن هذه الأعمال التي يصنعها الشباب لا توفر فرص عمل في بلد تنتشر فيه البطالة بشكل واسع لكنها فرصة أمام الشباب للخلق والتطوير.
https://www.youtube.com/watch?v=-2eD890E80oنقاش