شفق نيوز/ أعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس الأربعاء أن المنظمة التابعة للأمم المتحدة باتت تعتبر مرض "كوفيد-19" الناتج عن فيروس كورنا المستجد "جائحة" أي وباء عالميا.
وصرح للصحافيين في جنيف "لم نشهد مطلقا في السابق انتشار جائحة بسبب فيروس من عائلة كورونا".
ماذا تعني "جائحة؟
تعرف منظمة الصحة العالمية الوباء بأنه "انتشار مرض بشكل سريع في مكان محدد"، أما الوباء العالمي (الجائحة) فهو "انتشار الوباء بشكل سريع حول العالم".
أنتوني فوشي، مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية يقول إن "الجائحة هي تفش عالمي لمرض جديد خطير في جميع أنحاء العالم".
ويجب أن يكون المرض معديا لتحقيق شروط وصفه بالوباء، فانتشار النوبات القلبية مثلا لا يعد وباء، كما إن وصف الوباء لا يعني بالضرورة إن المرض فتاك أو سيوقع الكثير من الضحايا.
كورونا الذي يحمل كثيرا من هذه الأوصاف، حقق الشرط الأخير (الانتشار العالمي)، بعد إعلان عشرات البلدان تسجيل إصابات ووفيات بالمرض مؤخرا، عقب تسجيله أولا في الأراضي القارية الصينية، واليابان، وكوريا الجنوبية.
المدير العام لمنظمة الصحة العالمية قال الأربعاء إن هناك 118 ألف حالة مبلغ عنها في 114 بلدا حول العالم، وهناك 81 بلدا لم تبلغ عن أي حالات و57 بلدا أبلغت عن 10 حالات أو أقل.
وذكر أن الإصابات خارج الصين التي انطلق منها الفيروس زادت 13 مرة في الأسبوعين الماضيين.
غيبريسوس صرح أيضا: "عكفت المنظمة على تقييم هذه الفاشية على مدار الساعة، ونشعر بقلق بالغ إزاء ما نشهده من مستويات مفزعة لتفشي المرض".
هل يجب أن نقلق؟
لكن "جائحة" لفظ فضفاض ولا يعني بالضرورة أنها سوف تقتل عددا كبيرا من البشر كما حدث في عام 1918 عنما قتلت الأنفلونزا عشرات الملايين حول العالم.
ورغم تعريف المنظمة الجائحة بأنها "الانتشار العالمي لمرض جديد"، لكن لا يوجد تعريف صارم لمدى الخطورة التي يجب أن يكون عليها المرض، ويجب الانتباه أيضا إلى أن الأوبئة السابقة كانت لها معدلات وفيات متفاوتة.
مدير المنظمة دعا إلى عدم التهوين التهويل عندما قال: "نحن لم نشهد من قبل جائحة يسببها فيروس من فيروسات كورونا. هذه أول جائحة يسببها... وفي الوقت ذاته، لم نشهد من قبل جائحة يمكن السيطرة عليها".
ويشير إلى أن أكثر من 90 في المائة من حالات الإصابة بالمرض هي في أربعة بلدان فقط، ومن بين هذه البلدان الأربعة هناك بلدان، هما الصين وكوريا الجنوبية، يشهدان تراجعا كبيرا في الوضع الوبائي فيهما.
ولهذا السبب يؤكد أن "جميع البلدان ما زال بمقدورها تغيير هذه الجائحة".
وأضاف: "إذا سعت البلدان جاهدة إلى كشف الحالات وفحصها ومعالجتها وعزلها وتتبع المخالطين وتعبئة شعوبها للمساهمة في جهود الاستجابة، فإن بإمكان البلدان التي لديها حفنة من الحالات أن تمنع تحولها إلى عناقيد من الحالات وأن تمنع تحول هذه العناقيد إلى انتقال مجتمعي محلي، وحتى البلدان التي تشهد بالفعل انتقالا محليا أو مجموعات عنقودية كبرى، ما زال بإمكانها تغيير مجرى الأمور".
وفي ضوء هذا الوضع، تعامل مع المرض في ضوء الإرشادات التي تم الإعلان عنها سابقا من قبل المنظمة الدولية وخبراء الصحة.تجنب الأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض المرض، واغسل يديك جيدا، وقم بتطهير المكان الذي تعيش فيه.
ما نتائج تصنيفه "وباء"؟
عندما تعلن منظمة الصحة العالمية "وباء عالميا" يكون على الحكومات "تحريك كامل لنظامها الصحي، والمؤسسات، والعاملين الصحيين على مستوى الدولة لتوزيع معدات الوقاية الشخصية والأدوية".
ووفقا لهذا، قد يكون إعلان الوباء تحديا هائلا أمام بعض الدول، مثلما حدث حينما أعلنت منظمة الصحة العالمية حالة الوباء العالمي بعد انتشار فايروس H1N1 في 2009.
تعرض هذا القرار للانتقاد من بعض الدول التي أحست إنها تحملت أعباء غير ضرورية وصرفت ثروات على لقاحات المرض كما تسببت بحالة رعب "غير ضرورية" بينما كان الفيروس سهل الهزيمة نسبيا.
وقد يكون من بين التدابير أيضا، فرض قيود على السفر من وإلى المناطق الأشد تأثرا، أو إجبار العامة على اتخاذ تدابير وقاية غير معتادة مثل لبس الكمامات، الخضوع لحجر صحي عام أو فردي، والتلقيح الإجباري.
مدير المنظمة الدولية دعا الأربعاء إلى استراتيجية شاملة للوقاية من العدوى وإنقاذ الأرواح وتقليص الأثر تتلخص في التأهب والاستعداد والكشف والحماية والعلاج والحد من الانتقال، ودعا الدول إلى تفعيل آليات الاستجابة لحالات الطوارئ وتوسيع نطاقها، والتواصل مع الشعوب وتوعيتهم بشأن المخاطر وسبل حماية أنفسهم.
ودعا مدير المنظمة الدول إلى "أن تسعى لإيجاد توازن دقيق بين حماية الصحة والحد من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية وحماية حقوق الإنسان".
وقال إن "هذه الأزمة لا تمسّ الصحة العمومية فحسب، وإنما هي أزمة لن يسلم منها أي قطاع، ولذلك يتعين على كل قطاع وعلى كل فرد أن ينخرط في هذه المعركة".
لكن التحدي بحسب المنظمة بكمن أحيانا في نقص موارد بعض الدول في التعامل مع المرض، وأحيانا لأنها ليسها لديها "العزيمة" للتعامل معه.
وفي حين أن الأعلان الأخير قد يحفز البلدان على الاستجابة للانتشار من خلال فرض إجراءات الطوارئ، لا يوجد بروتوكول دولي موحد للقيام بذلك حاليا.
ماري لويز ماكلوز، خبيرة مكافحة العدوى التي عملت سابقا بشكل وثيق مع منظمة الصحة العالمية، قالت في مقابلة مع صحيفة الغارديان إن أحد أسباب الإعلان "هو دفع الدول إلى أن تأخذ الأمر على محمل الجد وألا تتجاهل أعراض المرض، وأن تسعى إلى الحصول على الموارد المالية اللازمة".