شفق نيوز/ بمبانيها المدمرة وحطام السيارات المنتشر في أزقتها، تحولت المدينة القديمة في الموصل إلى خراب بعد أسابيع من المعارك الشرسة بين القوات العراقية وتنظيم داعش.
المدينة القديمة التي كانت القلب النابض لثاني أكبر مدن العراق تبدو كمشهد مأخوذ من أفلام نهاية العالم، لكن حفارات بدأت تتحرك لتنظيف الشوارع المليئة بالأنقاض في المركز التاريخي للمدينة المحررة من قبضة التنظيم المتشدد.
وفي موقع قريب، تتحرك عربات مدرعة لتمهيد الطريق أمام عمليات البحث عن آخر المتشددين الذين يختبئون في المنطقة.
يقول العقيد سلام جاسم حسين من قوات مكافحة الإرهاب، فيما لوث الغبار بنطاله الأسود: "لم يبق سوى القليل من (مقاتلي) الجماعات الإرهابية التي فقدت كامل سيطرتها، والقوات الأمنية تطاردهم".
وأضاف العقيد الذي غطى ضماد إحدى ذراعيه بعد تعرضه لإصابة خلال المعارك، "في الواقع، المعركة انتهت فعلا، بانتصار كبير للقوات الأمنية".
ورغم إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الاثنين "الانتصار على الوحشية والإرهاب"، مازال الجنود يقاتلون متشددين محاصرين عند نهر دجلة.
وبعد تلقي أوامر العقيد حسين، توجه قناصان وجندي يحمل حزاما كبيرا من الذخيرة حول عنقه، إلى مبنى مدمر للتموضع في داخله والقضاء على متشدد.
جثث في الأرض
تواصل القوات العراقية عمليات تطهير المدينة، ولا تزال جثث متشددين ملقاة على الأرض ومغطاة في عدد من شوارع المدينة القديمة. وحولت المعارك والضربات الجوية المدينة القديمة إلى أنقاض.
وتظهر آثار الدمار على غالبية مباني المدينة القديمة التي تشتهر بسوقها وآثارها العريقة، ومساجدها ومنازلها القديمة.
واستمرت الضربات الجوية حتى وقت متأخر من بعد ظهر الاثنين، لتستهدف آخر معاقل المتشددين، وفي كل مرة، يسمع صوت صفير قصير ثم هزة خفيفة قبل أن تتصاعد سحابة دخان في السماء. فيما لا تزال قبة خضراء لمسجد قريب بمكبرات صوتها، قائمة رغم الدمار من حولها.
ويقول القائد في قوات مكافحة الإرهاب الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي: "نحن نتقدم باتجاه النهر، على بعد لا يتجاوز 50 إلى 60 مترا"، متحدثا من موقع انتشرت فيه أكياس أرز مخزنة في المسجد الذي حوله عناصر داعش إلى مستودع كدست فيه عشرات صناديق الأغذية.
الدمار يحول دون عودة الأهالي
وتمكن آلاف المدنيين من الفرار بعد أن عاشوا ظروفا مروعة، جراء نقص الأغذية واستخدامهم دروعا بشرية من قبل المتشددين.
وحذرت الأمم المتحدة من استمرار نزوح هؤلاء لعدة أشهر أخرى لعدم وجود منازل صالحة للسكن في الموصل.
ومن وقت لآخر، يكشف عن مبان في المدينة القديمة، انهارت واجهات جدرانها لتكشف جدران صفراء ومشهد ساعة جدارية معلقة في إحدى الزوايا فيما انتشرت معدات طبخ وأباريق شاي بين الأنقاض.
وعند أحد الأزقة القريبة، حيث باحة جامع النوري الذي فجره المتشددون، كانت نافورة ماء تستخدم عادة للوضوء غطتها كتابات.
وانتشر متطوعون لمساعدة القوات الأمنية وهم يقومون بتحضير كباب مشوي على بعد خطوات من المئذنة المدمرة التي شيدت منذ قرون.