2017-12-17 12:21:00

شفق نيوز/ في مدرسة أردنية تستضيف لاجئين عراقيين مسيحيين في شرق عمان، يحلم عراقيون بغد أفضل بعيدا عن بلدهم، أرض أجدادهم حيث فقدوا كل شيء ولم يعودوا يشعرون بالأمان.
وتقول ولاء (40 عاما)، وهي تحضن ابنها التلميذ في المدرسة التي زارها قبل أيام السفير الفرنسي في الأردن لمناسبة الإعلان عن هبة فرنسية، "لقد فقدنا كل شيء، بيوتنا سرقت ونهبت ودمرت وأحرقت، لم يتبق لنا شيء هناك كي نعود من أجله".
وولاء لويس واحدة من آلاف العراقيين المسيحيين الذين نزحوا إلى الأردن من ناحية برطلة قرب الموصل بعد أن سيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية في 2014.
وعلى الرغم من استعادة القوات الحكومية العراقية اليوم للمنطقة، إلا أنها لا تفكر بالعودة إلى بلدها بعد أن أحرق تنظيم الدولة الاسلامية منزلها وكل ما تملكه في العراق وبسبب شعورها بعدم الأمان.
وفرض الجهاديون لدى سيطرتهم على المنطقة على المسيحيين إما اعتناق الإسلام أو دفع الجزية أو النفي أو الموت.
وبحسب الأب رفعت بدر مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام فأن نحو عشرة آلاف و300 مسيحي عراقي فروا إلى الأردن منذ الهجوم الذي شنه تنظيم الدولة الإسلامية على مناطق الموصل وسهل نينوى، شمال العراق.
وحضرت ولاء مع عشرات غيرها من الأهالي من مسيحيي العراق الذين فر أغلبهم من الموصل والبلدات المسيحية المحيطة مساء الثلاثاء الماضي إلى كنيسة اللاتين في ماركا في شرق العاصمة الأردنية حيث يدرس أبناؤهم في المدرسة التابعة للكنيسة.
وأعلن يومها عن تمويل مقدم من صندوق دعم وزارة الخارجية الفرنسية المخصص لضحايا العنف العرقي والديني في الشرق الأوسط، قيمته بقيمة 120 ألف يورو لمساعدة المدرسة على الاستمرار لسنة دراسية كاملة.
وسط قاعة الاحتفال، وضعت شجرة كبيرة مزينة لعيد الميلاد. وأدى أطفال المدرسة الذين علقوا جميعهم على صدورهم صلبانا خشبية كبيرة، في بداية الاحتفال، النشيد الوطني العراقي "موطني موطني، الجلال والجمال والسناء والبهاء في رباك في رباك".
وقال السفير الفرنسي في عمان دافيد بيرتولوتي "التعليم ضروري لهؤلاء الأطفال الذين اضطروا إلى الفرار من بلدهم"، مشيرا إلى أنهم "كانوا ضحايا للعنف، والاضطهاد من جماعة متطرفة أجبرتهم على الفرار".
وأضاف "أشعر بالسعادة جدا لرؤيتهم هنا، في هذه المدرسة، سعداء مع الناس الذين يعتنون بهم والذين منحوهم الكثير من الاهتمام والحب".
وتروي ولاء أنها جاءت إلى الأردن في آب/أغسطس من العام الحالي، وقدمت طلب لجوء لمفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة من أجل إعادة توطينها "في أي بلد يكون آمنا من أجل مستقبل أطفالي الثلاثة".
وتتذكر ولاء بحسرة الظروف الصعبة التي مرت بها مع عائلتها التي نامت لأيام في الحدائق العامة والكنائس في إربيل.
ويقول عدد من اللاجئين المسيحيين أنهم يريدون المغادرة إلى أوروبا وكندا وأستراليا والولايات المتحدة.
وتؤكد ولاء التي كان زوجها يملك محلا لتصليح السيارات في بلدتها أنها تعاني من أمراض القلب وضغط الدم، وأنها تعاني الأمرين بالأردن بسبب الحاجة المادية.
وتقول "صرفنا كل ما نملك ولم نستلم دينارا واحدا من أية جهة، حتى انني لا املك المال كي أراجع طبيبا أو أشتري هدية لأطفالي بمناسبة عيد الميلاد".
ثم ترفع يديها إلى السماء وهي تردد "الله وحده يعلم بحالنا".
تدريس مجاني
وردد الطلاب الذين وقفوا بصفوف متوازية لدى وصولهم إلى المدرسة صلاة باللغة السريانية.
وتقول مديرة مدرسة كنيسة اللاتين سناء بكي إن المدرسة التابعة للكنيسة تستقبل نحو مئتي طالب من المسيحيين العراقيين الذين فروا من الموصل ومناطق سهل نينوى والذين تتراوح أعمارهم ما بين 6 إلى 14 عاما، وقد فاتتهم سنة دراسية أو أكثر بسبب الحرب".
وتضيف “الدراسة مسائية وباللغة الانكليزية، لان جميعهم لا يفكرون بالعودة الى العراق، وسبق لهم ان تقدموا بطلبات لجوء”، مشيرة الى ان المدرسة تعمل على “تأهليهم للمدارس التي سيلتحقون بها في دول اللجوء”.
وتتابع “يتم تدريسهم مجانا على أيدي مدرسات عراقيات متطوعات. كما يتم توفير الكتب والملابس ووجبة طعام مجانا لهم”.
لكنها تقول إن “الامر ليس بالسهل لأن اغلبهم تعرضوا لضغوطات ومشاكل نفسية نظرا للمآسي التي مروا بها خلال السنوات القليلة الماضية”.
ويؤكد الاب خليل جعار، راعي كنيسة اللاتين، “يقول المثل (اذا اردت أن تدمر أمة، فامحُ تاريخها وجهِّل أطفالها) لذلك علينا أن نعمل لكي يأخذ كل هؤلاء الأطفال حقهم في التعليم والحياة”.
ويتابع “عانينا من مشاكل مالية خلال الفترة الماضية، ولكن نحمد الله الان بأننا حصلنا اليوم على اموال تكفينا للاستمرار للسنة الدراسة الحالية”.
وتحلم بان بنيامين يوسف (43 عاما)، وهي أم لأربعة أطفال، ببناء “حياة جديدة” مع عائلتها كما تقول، بعد المعاناة التي مرت بها في العراق.
وتقول “بعد أن سرق ودمّر وحرق الدواعش منزلنا ومحل زوجي لبيع المواد الغذائية، قررنا حزم أمتعتنا والمجيء للاردن على أمل البدء بحياة جديدة”.
وتروي “بعد اشتداد العنف الطائفي في عام 2006 وصلتنا تهديدات بالقتل فهربنا من بغداد الى الموصل وهناك ايضا بعد اعوام وصلتنا تهديدات بالقتل فهربنا الى قرية كلامليس المسيحية شمال الموصل حتى جاءنا الدواعش فهربنا الى اربيل في صيف 2014″.
وتضيف “ليس بإمكاننا العودة، مدننا مدمرة وفقدنا كل شيء. لا يوجد شيء نعود من أجله”.
afp