شفق نيوز/ نشرت صحيفة "النيويرك تايمز" الاميركية يوم الاثنين وثائق سرية مسربة من المخابرات الايرانية توضح فيه كيف يمارس النظام في طهران السلطة في العراق عبر قائد فيلق القدس قاسم سليماني.
وتكشف التسريبات غير المسبوقة عن تأثير طهران "الهائل" في العراق ، والذي يعرض سنوات من العمل الشاق الذي قام به الجواسيس الإيرانيون لاختيار قادة البلاد ، ودفع رواتب الوكلاء العراقيين الذين يعملون من أجل الامريكيين لتبديل مواقفهم والتسلل إلى كل جانب من جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والدينية في العراق.
و وفقا لإحدى البرقيات الاستخباراتية الايرانية فإن رئيس الحكومة الحالية عادل عبد المهدي عمل في المنفى عن كثب مع إيران أثناء وجود صدام حسين في السلطة في العراق.
وتشير البرقية الى ان عبد المهدي كانت له علاقة خاصة مع الحرس الثوري الايراني عندما كان وزيرا للنفط في عام 2014.
وبحسب الصحيفة فإن أحد كبار المسؤولين الأمريكيين السابقين حذر من تسنمه المصب الحالي "لكن لا يمكن لأي سياسي عراقي أن يصبح رئيساً للوزراء دون مباركة إيران.
وكان عبد مهدي ، عندما حصل على رئاسة الوزراء في عام 2018 ، ينظر إليه كمرشح توفيقي مقبول لدى كل من إيران والولايات المتحدة.
تقدم لمحة استثنائية داخل النظام الإيراني السري. كما يوردون بالتفصيل مدى سقوط العراق تحت النفوذ الإيراني منذ الغزو الأمريكي في عام 2003 ، والذي حول العراق إلى بوابة للقوة الإيرانية ، يربط جغرافية الجمهورية الإسلامية للهيمنة من شواطئ الخليج الفارسي إلى البحر الأبيض المتوسط.
وبحسب الصحيفة فإن تقارير الاستخبارات الإيرانية التي تم تسريبها تؤكد إلى حد كبير ما كان معروفًا بالفعل حول قبضة إيران الحازمة على السياسة العراقية. لكن التقارير تكشف أكثر بكثير مما كان معروفاً في السابق عن مدى استخدام إيران والولايات المتحدة للعراق كمنطقة انطلاق لألعاب التجسس.
وسلطت التقارير الضوء على السياسة الداخلية المعقدة للحكومة الإيرانية ، حيث تتصارع الفصائل المتنافسة مع العديد من التحديات نفسها التي تواجهها قوات الاحتلال الأمريكية أثناء كفاحها من أجل استقرار العراق بعد غزو الولايات المتحدة.
وتبين الوثائق كيف أن إيران ، في كل منعطف تقريبًا ، تفوقت على الولايات المتحدة في المنافسة على النفوذ.
ويتألف الأرشيف من مئات التقارير والتسريبات التي كتبها بشكل رئيسي في عامي 2014 و 2015 من قبل ضباط وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية ، الذين كانوا يعملون في الميدان في العراق.
وبحسب الصحيفة فإن اللقاءات العراقية الايرانية كانت تعقد في الازقة المظلمة ومراكز التسوق وحفلات عيد الميلاد للتمويه، والوثائق تظهر العمليات الاستخبارية من اجل التقاط صور للجنود الاميركيين وقوات التحالف ضد داعش وهدايا وشراء ذمم وصلت لقيادات امنية كوردية.
وتبين الصحيفة ان الارشيف الذي حصلت عليه يتضمن تقارير استخبارية ايرانية كتبت عامي 2014 و2015 من قبل ضبط المخابرات الايرانية يعملون في العراق.
وتقول احدى التقارير الاستخبارية الايرانية ان رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي "لديه علاقة مقربة" مع ايران.
وتظهر التقارير الاستخبارية الايرانية ان هدف طهران هو الحفاظ على العراق من الفشل ووقف نمو التشدد السني على الحدود مع ايران ووقف اي حرب اهلية تجعل من الشيعة ضحايا لها ومنع استقلال كردستان ما يشكل زعزعة لاستقرار المنطقة مع ابقاء العراق دولة تابعة.
وتقول الصحيفة ان ايران استمالت اغلب عملاء وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية CIA الذين تركتهم واشنطن خلفها في 2011 والذين كانوا يخشون الانتقام وابلغوا طهران كل ما يعرفونه عن عمليات الـ CIA في العراق.
وقدم العملاء السابقون للـ CIA معلومات لطهران بشأن مواقع الوكالة السرية واسماء الفنادق التي كان عملاء الوكالة الاجانب ينزلون فيها وتفاصيل عن الاسلحة والتدريب واسماء العراقيين الذين يعملون لمصلحة الوكالة.
وتشير الصحيفة الى ان "المنطقة حول جرف الصخر قد تم تطهيرها من وكلاء الارهابيين وطرد عوائلهم وتم تدمير اغلب منازلهم من قبل القوات العسكرية واقتلاع النخيل وحرقه كي لا يحتموا به. الماشية ترعى بدون اصحابها" وفق تقرير استخباري ايراني في 23 نوفمبر 2014.
وتذكر الصحيفة ان الفريق حاتم المكصوصي مدير الاستخبارات العسكرية حمل رسالة عبر شخص الى مسؤول استخباري ايراني في كربلاء قائلاً له "نحن تحت خدمتك وكل ما يريدونه متاح لهم. نحن شيعة ولدينا عدو واحد" "اعتبر كل الاستخبارات العسكرية لك" وفق تقرير استخباري ايراني.
وابلغ المسؤول الاستخباري العراقي نظيره الايراني ان الولايات المتحدة قدمت للعراق برنامجا متقدماً للتنصت على الهواتف النقالة ويتم ادارته من قبل مكتب رئيس الوزراء (حيدر العبادي) "وسأضع تحت تصرفك كل المعلومات الاستخبارية حوله".
ونفى المكصوصي في مقابلة مع الصحيفة صحة تعاونه مع ايران ولكن مسؤولاً اميركياً قال ان واشنطن حينما اصبحت على اطلاع بعلاقات المسؤول الاستخباري العراقي بايران فانها حددت امكانية وصوله الى المعلومات الحساسة.
وتظهر التقارير الاستخبارية الايرانية خشية طهران من نمو الوجود الاميركي في العراق بعد 2014 وعبر احد التقارير عن خشية ايران من نمو الفعاليات الاميركية في سماء العراق على مصالحها "هذه النشاطات يجب ان تؤخذ على محمل الجد"
و بعد اختيار حيدر العبادي رئيساً للوزراء دعا السفير الايراني السابق حسن داني فر الى اجتماع عاجل في السفارة الايرانية في بغداد ولكن مع تقدم الاجتماع اطمئن الى ان طهران لديها العديد من وزرائه "في جيبها". العبادي وصف في الاجتماع بانه "الرجل البريطاني والمرشح الاميركي"
وكان السفير الايراني في بغداد يستعرض وزراء حكومة العبادي ووصف كل من عبد المهدي وابراهيم الجعفري بان لديهما "علاقة خاصة بايران" وان وزراء "الاتصالات والبلديات وحقوق الانسان" في "تناغم كامل معنا ومع رجالنا" ووزير البيئة (قتيبة الجبوري) "يعمل معنا بالرغم من انه سني"
و وفق الوثائق الاستخبارية الايراني قاسم سليماني طلب من وزير المواصلات العراقي باقر جبر الزبيدي خلال لقاء لهما في بغداد الموافقة على فتح الاجواء العراقية امام الطائرات الايرانية لنقل الاسلحة لسوريا ووجد الزبيدي انه من المستحيل رفض الطلب وهو وجها لوجه امام سليماني.
وفقاً لاحدى الوثائق فأن باقر صولاغ قال لمسؤول استخباري ايراني ان سليماني جاء اليه وطلب السماح للطائرات الايرانية بالتحليق في الاجواء العراقية للمرور الى سوريا ووضع صولاغ يده على عينه وقلت له "من عيني" "بعد قام سليماني وقبلني في جبهتي".
ولفتت صحيفة نيويورك تايمز الى ان تفاصيل الحوارات العراقية الاميركية خلف الابواء المغلقة كانت تصل على نحو روتيني الى ايران.
وتقول الصحيفة ان احد العاملين في مكتب رئيس البرلمان العراقي السابق سليم الجبوري كان مصدراً للاستخبارات الايرانية.
وبحسب الصحيفة فان تقرير استخباري ايراني بعد اشهر من وصول حيدر العبادي الى كرسي رئاسة الوزراء يظهر رغبة رئيس الوزراء العراقي في علاقة سرية مع ايران . تقرير اخر في يناير 2015 يظهر لقاء العبادي بمسؤول استخباري ايراني يدعى بروجردي بدون وجود اي شخص ثالث معهما.
ووفقاً لتقرير استخباري ايراني اخر ابلغ الضابط الاستخباري الايراني العبادي ان السنة مشردون ومدنهم مدمرة ومستقبلهم غير واضح بينما يستطيع الشيعة استعادة ثقتهم بنفسهم وان بغداد وطهران يمكنهما الاستفادة من هذا الوضع وقد اعرب العبادي عن موافقته على هذه الفكرة.
واظهر تقرير استخباري ايراني غضب عدد من ضباط الاستخبارات الايرانية من قيام سليماني بالتقاط صور له في العراق باعتباره يقوم بدور قيادي في العمليات العسكرية وان ذلك يزيد من شرعية الاميركيين وخصوصا لدى السنة.