شفق نيوز/ كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، عن تفاصيل تحقيقات تجريها السلطات السعودية مع "اللواء سعد الجبري" مسؤول ملف تمويل عشائر المناطق الغربية في العراق، بتهمة هدر نحو 11 مليار دولار.
وبحسب تقرير للصحيفة، فأن السلطات السعودية تسعى إلى محاكمة أحد مسؤوليها السابقين، الذي عمل تحت أمرة ولي العهد السابق، بعد أن "أهدر" هو ومساعدوه نحو 11 مليار دولار من أموال الدولة، منها مليار دولار أنفقوها على أنفسهم.
والسعودي المشار إليه هو، سعد الجابري، الذي فر إلى كندا، في عام 2017، بعد أن خدم طويلا في وزارة الداخلية، حيث لعب دورا كبيرا في مجال مكافحة الإرهاب.
ويقول مسؤولون سعوديون إنهم يسعون إلى تقديم الجابري للعدالة، في إطار حملة الأمير محمد بن سلمان لمكافحة الفساد، بينما يرى آخرون بأن ولي العهد الحالي يسعى إلى الحصول على معلومات من المسؤول الاستخباراتي السابق.
وكان الجابري، 61 عاما، مستشارا موثوقا لولي العهد ووزير الداخلية السابق، محمد بن نايف، والذي كان مطلعا على الكثير من الأسرار الاستخباراتية، بحسب تقرير سابق لصحيفة "نيويورك تايمز".
وعمل، سعد الجابري، على مدى نحو 20 عاما، مع ولي العهد السابق، حيث ساعد في إصلاح جهاز الاستخبارات وكان أحد أهم ضباطه، كما ساهم كثيرا في جهود المملكة لمكافحة تنظيم "القاعدة"، في تنسيقها الأمني مع الولايات المتحدة.
والمسؤول السعودي السابق، الذي حصل على شهادة الدكتوراة في علوم الحاسب، كان خبيرا في الذكاء الاصطناعي، وكان فعليا الرجل الثاني في وزارة الداخلية بعد الأمير محمد بن نايف، وفق "وول ستريت جورنال".
وعُين، الجابري، في منصب وزير دولة، عندما تولى الملك سلمان العرش في يناير 2015، وأصبح الأمير بن نايف وليا للعهد في أبريل 2015، قبل أن تتم إزاحة الأول من منصبه، في أغسطس، من ذلك العام، لكنه ظل مستشارا شخصيا للأمير حتى تم إعفاء الأخير من ولاية العهد ووزارة الداخلية في يونيو 2017، ثم غادر الجابري، إلى كندا بعد ذلك، وترفض السلطات الكندية تسليمه.
ويشر تقرير "وول ستريت جورنال"، إلى أن السلطات السعودية طلبت من تورنتو تسليمه، وأصدرت نشرات للشرطة الدولية "الإنتربول" للقبض عليه.
وتشير معلومات الصحيفة، التي حصلت عليها من مصادر أميركية وأوروبية، إلى تحقيقات سعودية جارية حول شبكة بمليارات الدولارات، أدت إلى إثراء مسؤولين حكوميين سعوديين كبار، وقد استخدمت هذه الأموال لمجموعة متنوعة من الأغراض، "مثل دفع أموال للمخبرين والقادة الأجانب مثل الرئيس السوداني المخلوع، عمر البشير، وشراء معدات لجهاز الشرطة وهواتف آمنة".
واستفادت هذه الشبكة، التي ترأسها الجابري، من تغريم الحكومة مبالغ زائدة لصالح عقود مع شركات غربية كبيرة، واستخدام حسابات خارجية مرتبطة ببنوك غربية كبيرة لتحويل هذه الأموال، وفقا لأشخاص مطلعين على التحقيقات، وفقا للصحيفة.
ولا ينكر مساعدو الجابري، بحسب التحقيقات، تحويل هذه الأموال لكنهم يقولون إن هذا الأمر تم في إطار أعمال حكومية وبمباركة الأمير نايف.
ويشير تقرير "وول ستريت جورنال"، إلى أن الجابري أدار صندوقا خاصا لوزارة الداخلية كان يجمع بين الأموال المخصصة للإنفاق على جهود مكافحة الإرهاب، وبين المكافآت التي حصل عليها هو وآخرون.
وهذا الصندوق، كان قد أنشأه الملك الراحل، عبد الله بن عبد العزيز، بهدف مكافحة الإرهاب، بعد هجمات الـ11 من سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة.
وتدفقت على الصندوق أموال وصلت إلى 19.7 مليار دولار خلال 17 سنة أشرف فيها الجابري عليه، وتقول التحقيقات إن 11 مليار دولار تم إنفاقها "بشكل غير صحيح"، إما عن طريق "مدفوعات زائدة على العقود، أو تحويلها إلى وجهات أخرى، بما في ذلك حسابات مصرفية خارجية يسيطر عليها الجبري وعائلته وشركاؤه، ومن بينهم محمد بن نايف"، وفقا للصحيفة.
والكثير من أموال الصندوق ذهبت، بحسب التحقيقات، إلى دول مثل السودان وإندونيسيا، وزعماء قبائل في غرب العراق، وشركات في الولايات المتحدة وأوروبا، وحسابات أجنبية تتبع، الجابري وحلفاءه.
واستفاد، الجابري، وشركاؤه من شراكة وزارة الداخلية مع القطاع الخاص "لتحقيق مكاسب شخصية"، وعلى سبيل المثال كان الرجل من خلال شركة "تكنولوجي كونترول" يشتري المعدات الأمنية من شركات أميركية كبيرة، مثل "أوراكل" و"آي بي أم" و"سييكو" ويعيد بيعها مرة أخرى للحكومة، وفقا للصحيفة.
وأكبر المبالغ التي خرجت من وزارة الداخلية للقطاع الخاص ذهبت إلى شركة سعودية قابضة تسمى SAKAB تلقت أكثر من 26 مليار ريال سعودي (6.9 مليار دولار)، في الفترة من 2008 إلى 2014، وفقا لحسابات مصرفية ووثائق تحويل راجعتها "وول ستريت جورنال".
وذكرت الصحيفة أن الوزارة ترسل بانتظام عشرات الملايين من الدولارات إلى حساب الشركة في البنك السعودي البريطاني، التابع لبنك "أتش أس بي سي"، ثم تقوم الشركة بتحويل جزء كبير من الأموال إلى حسابها في في فرع البنك بجنيف السويسرية، وكان يتم إرسال جزء من هذه الأموال إلى حسابات بأسماء مساعدي الجابري.
ويشير التقرير إلى إرسال مبالغ كبيرة شهريا إلى شركة مسجلة، في جزر فيرجن البريطانية، والتي يمتلكها بالكامل الجابري.
وفي المجمل، حصل المسؤول السعودي السابق على حوالي، 250 مليون دولار، من هذه الشركة وشركات أخرى تمولها وزارة الداخلية، وفقا للتحقيقات، التي ذكرت أن، الأمير محمد بن نايف، تلقى نفسه مئات الملايين من الدولارات مباشرة من الشركة، لكن في بعض الحالات، كان يتم دفع الأموال لشركات أخرى تعمل لصالح وزارة الداخلية.
وبحسب المحققين السعوديين، جمع الجابري وشقيقه، وابن أخيه، واثنان من مساعديه، أكثر من مليار دولار في صورة مدفوعات مباشرة. ولا تزال هناك تحقيقات، حول مليارات الدولارات الأخرى، من تدفقات مالية وعقود تمت من الباطن.