شفق نيوز/ توقع مدير منظمة الهجرة الدولية وليام لاسي سوينغ استمرار استقبال طلبات اللجوء ووصول اللاجئين من دول الشرق الأوسط وأفريقيا إلى أوروبا حتى عام 2050 على الأقل.
وأضاف سوينغ في مقابلة اجرتها الجزيرة، أن منظمته ترى في أعداد المهاجرين الكبيرة واقعا لا مفر منه في ظل استمرار تراجع النمو الديمغرافي بدول أوروبا، وتحولها إلى مجتمعات ذات شيخوخة وبحاجة للأيدي العاملة الشابة من دول الجنوب الفتية التي تواجه مشكلات في فرص العمل.
واعتبر مدير منظمة الهجرة الدولية أن توقع توقف إقبال اللاجئين الحالي سيكون تقديرا خاطئا بسبب اقتراب فصل الشتاء، ورأى أن الباحثين عن حماية يتدفقون بأعداد كبيرة إلى الاتحاد الأوروبي من مناطق نزاعات وكوارث طال استمرارها بأفريقيا والشرق الأوسط، مما أفقدهم الأمل ودفعهم للبحث عن وطن جديد.
وفيما يلي نص الحوار:
كيف تنظر إلى إقبال اللاجئين على أوروبا وتداعياته؟
أتصور أنه يتوجب علينا ألا نندهش كثيرا بقدوم مزيد من الأعداد الهائلة من الجنوب باتجاه الشمال في المنظور القادم، فكل القادمين حاليا يأتون من مناطق نزاعات وكوارث تضرب أفريقيا والشرق الأوسط، في ظل غياب أي إمكانية لمفاوضات نشطة أو عملية سياسية تحيي الأمل لديهم بوجود حلول في المنظور القريب أو المتوسط، وأتصور أن اليأس دفع هؤلاء الباحثين عن حماية بعد مرور وقت طويل على استمرار الأزمات للبحث عن الأمن بمكان آخر، ولذلك أرى أنه سيكون تقديرا خاطئا التصور بأن هذا الإقبال للمهاجرين سيتوقف لأن فصل الشتاء قادم.
هل سيؤثر ذلك على النمو السكاني في الدول الأوروبية؟
لدى منظمتنا دراسة خلصت إلى أن هذه الهجرة الكبيرة واقع لا مفر منه، وأنها ستستمر على الأقل حتى عام 2050 بسبب تراجع النمو السكاني بالشمال الأوروبي الذي تحول لمجتمعات ذات شيخوخة ستزداد فيها أماكن العمل الخالية والتي يمكن شغلها بالقوى العاملة من دول الجنوب الفتية، التي تعاني بدورها من نقص فرص العمل. إضافة لذلك، فإن تزايد الكوارث والثورة الرقمية التي تتيح للناس معرفة فورية بما يحدث في أماكن أخرى، والتغيرات المناخية والتلوث البيئي، تمثل أسبابا حقيقية ترجح دفع أعداد هائلة من البشر مستقبلا للبحث عن أوطان جديدة، لذا فإن شغل الوظائف الشاغرة بأوروبا مستقبلا بات يفرض الحاجة للقوى العاملة من المهاجرين المؤهلين.
هل تتوقع أن يتجاوز عدد اللاجئين الذين سيصلون إلى أوروبا المليون بنهاية العام الحالي؟
نحن نوثق أرقام المهاجرين القادمين لأوروبا بشكل يومي، مما يمكننا بوجه عام من تقدير عدد من وصلوا، وكذلك عدد من ماتوا خلال رحلتهم الذي يتجاوز حاليا 2800 إنسان، وأتصور أن الإجابة السريعة على سؤالك هي أن حركة الهجرة ستتواصل بكل تأكيد لأن الأزمات والصراعات مستمرة، وأتصور أن ما قالته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن توقع بلادها وصول 800 ألف طالب لجوء لبلادها بنهاية العام يعطي بعض المؤشرات على ما تتوقعه الحكومات الأوروبية من أعداد قادمة.
كيف تقيم مواقف الدول الأوروبية، خاصة ألمانيا والمجر، تجاه التعامل مع اللاجئين؟
وليام سوينغ: نحن في منظمة الهجرة ممتنون لموقف ميركل وبلادها المتضامن مع اللاجئين وتقديرهما لاحتياجاتهم الإنسانية، وقد فتحت ألمانيا أبوابها لمساعدة اللاجئين والترحيب بهم، وكذلك السويد والنمسا، وأتصور أن مجرد التفكير في منع البشر القادمين من دخول هذا البلد الأوروبي أو ذاك أو إعادتهم هو غير ممكن ولن يحدث، خاصة في ظل الأوضاع الحالية، وأعتقد كذلك أن هناك تطورا إيجابيا في الفكر الأوروبي بعد الاتفاق في أبريل/نيسان الماضي على إعطاء الأولوية لإنقاذ أرواح البشر، وأتصور أن الأوضاع الحالية تمثل اختبارا لفعالية الاتحاد الأوروبي وقدرته على تطوير إستراتيجية مشتركة للتعامل مع أزمة اللاجئين الحالية.
هل قدمت منظمتكم نصائح أو توصيات للحكومات الأوروبية بشأن التعامل مع الأزمة الراهنة؟
نحن نعد مقترحات ونقدم توصيات لأوروبا منذ غرق أول قارب مهاجرين أمام جزيرة لامبيدوزا الإيطالية في أكتوبر/تشرين الأول 2013، وقد أسعدنا أخذ الاتحاد الأوروبي بتوصيتنا للحوار مع دول منشأ الهجرة، ونرحب بالحوار القادم بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي بالعاصمة المالطية فاليتا في نوفمبر/تشرين الثاني القادم بشأن ضمان الهجرة بطريقة آمنة وكريمة، وقد سعينا للتعاون مع الاتحاد الأوروبي لتأسيس مركز أو اثنين في ليبيا لاستقبال وتسجيل طالبي اللجوء وإرسالهم إلى أوروبا دون حاجة لقوارب المهربين، غير أن حالة عدم الاستقرار الموجودة في هذا البلد حالت دون ذلك. ونحن نتعاون بهذا المجال مع عمداء المدن الليبية الكبيرة، وننفذ حملات توعية بدول منشأ الهجرة للتحذير من خطر السقوط في قبضة المهربين، ونوفّر برامج توعية معلوماتية عن الدول المستقبلة للهجرة.
منظمة الهجرة الدولية غير معروفة لدى كثيرين، هل لك أن تعرفنا بها؟
منظمتنا تأسست عام 1951 تزامنا مع تشكيل المفوضية العليا لمنظمة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، حيث تأسست منظمة الهجرة الدولية بهدف مواجهة تداعيات الحرب العالمية الثانية ومساعدة المشردين على بدء حياة جديدة في الولايات المتحدة وكندا وأستراليا ومناطق أخرى.
وفي السبعينيات، تزايد المنحى العالمي للمنظمة بموازاة الأزمات الإقليمية المختلفة في الصين ووسط أفريقيا وأجزاء من وسط وجنوب أميركا. ومع سقوط جدار برلين عام 1990 وبداية حقبة العولمة تكرس الطابع العالمي لمنظمتنا وارتفع عدد الدول الأعضاء فيها من أقل من 70 إلى 157 حاليا، كما زادت ميزانيتها من 255 مليون دولار في ذلك الحين إلى 1.5 مليار دولار الآن، وزاد عدد العاملين فيها من 2000 إلى أكثر من 9000، وكذلك ارتفع عدد أماكن عملنا من 150 إلى 480.
ولدينا خاصية غير موجودة لدى المنظمات العالمية الأخرى، وهي أن 97% من العاملين لدينا موجودون في الميدان، ليس لدينا إلا 230 موظفا بمقرنا الرئيسي في جنيف، ويبلغ عدد مشروعاتنا حول العالم 2500 مشروع. ونركز بالدرجة الأولى على قضية الهجرة ودعم الدول الأعضاء، كما نتعاون بشكل وثيق مع منظمات الإغاثة والمنظمات غير الحكومية بكافة مناطق الأزمات.