شفق نيوز/ عن دار “ثقافة للنشر والتوزيع في (أبو ظبي– دبي– بيروت) صدرت للروائي العراقي هيثم بهنام بردى رواية جديدة بعنوان (أحفاد أورشنابي) التي جاءت ب (135) صفحة من القطع المتوسط وبغلاف أنيق معبّر تتوسطه لوحة للفنان التشكيلي العراقي لميع نجيب.
و“أورشنابي” هو ملاح “أوتونوبشتم” الذي عبّر ملك أوروك “كلكامش” بطل الملحمة المسماة باسمه، بزورقه من مياه الموت قبل وبعد حصول “كلكامش” على عشبة الخلود.
وجاء في الغلاف الخلفي للرواية أن: التأريخ ذاكرة الزمن، – لا مراء، ولا جدال فيها، ولا مناص من تقبلها باعتبارها حقيقة ثابتة -، هذه بديهية مكرسة. والأدب، بكل أجناسه سواءً كان بالأسطورة المتداولة المتناقلة عبر الأحقاب شفاهاً أو على الرقيمات أو الرقوق أو الصحائف، حاول أن يتماهى مع التأريخ ويسّطر الأحداث بشفافية ومصداقية، فأفلحت بعض الأساطير والقصص والروايات والأشعار الملحمية، فسجلت لنفسها مكانة في المشرق من السرد القصصي والشعري المدون وتناقلته الأجيال تلو الأجيال.
وتابع "فيما ذهبت الأخريات التي تعمدت تزييف الوقائع أدراج الرياح والإهمال والنسيان، فلا عجب أن تبقى بعض الأساطير والقصص والسير، مثل العنقاء تحترق وتولد برمادها، عبر الزمن، متجددة متسربلة بالحياة. وتأسيساً على هذا الفهم، نسجت روايتي (أحفاد أورشنابي) حين نقلت وبكل أمانة، أحداث قرية في شمال وطني العراق، أيام الحرب العالمية الأولى، التي اكتوى بنيرانها أبناء العراق والشام ولبنان وسواها،… حين سيق أولادها وشبابها، رجالها وكهولها ليكونوا حطباً لنيران أشرس حرب ضروس إستعّر أوارها لأربعة أعوام، والتي أطلق على هذه الممارسة الشنيعة (السفر برلك) أي (السفر براً)…
ويسرد ايضا "تجولت عبر ذاكرة شيخ في حوله الثمانين بتفاصيل تلك الأيام الممهورة بالحزن والفجيعة والموت، لضيعة هاجعة هادئة في شمال وطني، والتي ثكلت بالاحتلالين، العثماني الذي اقتطع من الزمن أربعة قرون ونيّف وحوّل ربوع هذا الوطن الثري الأصيل إلى خراب ينعب في جنباته التخلف والفاقة والجهل. ورديفه الآخر، الاحتلال البريطاني عقب الحرب التي تكللت بمعاهدتي سايكس بيكو وسان ريمو اللتين رسفتا بموجب تفاصيلهما بلداننا تحت نير الانتداب والاحتلال.وتزخر أحداث الرواية التي لم ألتزم في كتابتها بالطرائق الكلاسيكية السردية (البداية، الذروة، الخاتمة) بل أنشأتها بطريقة من يقوم بوضع كرة من خيوط مبعثرة في علبة، ثم يسحب الخيوط رويداً رويداً، حتى تتشكل بالتالي معالم طرفي الخيط، وحاولت في نحت لغتها أن أزاوج بين اللغة المعاصرة بكل إرهاصاتها وبنيويتها التركيبية المعقدة، وبين طريقة (الحكواتي) ودكته الأسطورية، جاعلاً من القارئ أنفاساً متقطعة تتماهى في فضاء مقهى الذاكرة، وبذلك – برأيي – لم أقطع مع المتلقي سبل التلاقي والتسامي.