2017-02-18 08:27:00

شفق نيوز/ تحدث المدير التنفيذي الإيراني لمشروع ترميم قبة ضريح الإمام الحسين وتحكيم جدرانها وتنحيف الأعمدة علي مهاجري، عن عدد من "المعجزات" التي واجهها الفريق خلال عمله، مكرراً التأكيد على احدى تلك المعجزات وهي عدم انهيار القبة على رؤوس الزائرين.

وذكر مهاجري في مقابلة أجرته معه وكالة "تسنيم" الإيرانية، أنه حسب المعايير الفيزيائية كادت قبة الإمام الحسين  أن تنهار على رؤوس الزائرين لولا معجزة حالت دون ذلك، لافتا الى أن الخبراء الإيرانيين جعلوا الأعمدة مقاومة للانفجار، فيما كشف عن أن تراب الضريح يتغير الى اللون الأحمر يوم عاشوراء.

ولفت مهاجري الى أن اللجنة الاستشارية التي تم تشكيلها لإنجاز مشروع ترميم القبة والجدران وتنحيف الأعمدة في الضريح الحسيني، يشرف عليها أبرع التقنيين والنخبة العلمية في ايران، ولديهم فعاليات عمرانية كبيرة في تأريخهم المهني إذ شاركوا في تشييد أكبر السدود وكذلك برج ميلاد الشاهق في العاصمة طهران. 

وتمحور الحديث حول أهم البرامج التنفيذية الخاصّة بالعتبة الحسينية والتي تمت المباشرة بها منذ العام الماضي، حيث تطرق مهاجري إلى تفاصيل هذا المشروع الضخم قائلاً: أنا وسائر الزملاء حملنا على عاتقنا مسؤولية إعمار العتبات المقدّسة نيابة عن لجنة إعمار العتبات في محافظة كرمان، حيث سخرنا جهودنا لأحد مشاريع الإعمار ألا وهو مشروع ترميم القبة المطهرة والذي تم إقراره قبل سنوات لكنه لم يدخل حيز التنفيذ آنذاك لأسباب تقنية.

وأشار مهاجري إلى أن مشروع ترميم القبة في العتبة الحسينية قد أوكل إلى لجنة الإعمار في محافظة كرمان بموافقة من إدارة العتبة، وأكد على أن الخبراء والتقنيين المتخصصين درسوا الموضوع من كافة جوانبه واقترحوا وضع قواعد مساعدة لدعم الأعمدة الموجودة تحت القبة، وبالفعل فقد اتخذت جميع الإجراءات اللازمة على هذا الصعيد.

* انطلاق عمليات ترميم القبة الحسينية وتنحيف الأعمدة منذ عام 2015 م

المدير التنفيذي لمشروع ترميم قبة العتبة الحسينية المقدسة وتنحيف الأعمدة تحدث عن انطلاق هذا المشروع الهام قائلاً: بعد أن اكتملت الإجراءات التمهيدية وبعد الانتهاء من جميع البحوث النظرية الخاصة بعمليات ترميم القبة الحسينية وتنحيف الأعمدة، بادرنا مباشرة إلى العمل بالمشروع منذ عام 2015 م، حيث تشمل هذه العمليات أيضاً تدعيم جدران الضريح.

في بادئ الأمر انطلق مشروعنا بتنحيف العمود الأول الواقع في باب الرأس والذي يبعد عن الضريح المطهر مسافة 1,70 م.

* تنحيف الأعمدة بمقدار 60 بالمئة

 

تحدث السيد علي مهاجري حول عمليات تنحيف الأعمدة قائلاً: في مشروع تنحيف الأعمدة قللنا من سمكها بمقدار 60 بالمئة، وبالتالي أصبحت المسافة بين العمود الأول والضريح المبارك أكثر من أربعة أمتار بدلاً عن 1,70 م لذلك سوف تتسع مساحة الضريح قرب كل عمود أكثر من مترين ونصف المتر.

* وزن قبة مرقد الإمام الحسين 1200 طن

وأكد المدير التنفيذي لهذا المشروع صعوبة العمليات الجارية قائلاً: إنه حقاً عمل حساس وفي غاية الصعوبة، فالقبة الحالية في مرقد الإمام الحسين يبلغ وزنها 1200 طن، لذا نظراً لهذا الوزن الثقيل الذي تحمله الأعمدة يجب العمل سريعاً على القيام بالترميمات اللازمة لها وتقويتها وفي الحين ذاته تنحيفها، وهذه العمليات بطبيعة الحال ترتبط بشكل مباشر بعمليات تدعيم الجدران المحيطة بالقبة، ومن ثم لا بد من التعامل مع الموضوع بمهنية وحرفية اعتماداً على آراء الخبراء والمتخصصين؛ لذلك سخرنا أحدث التقنيات المتطورة لكي يتم إنجاز المشروع بأمثل شكل.

معظم المشاركين في إنجاز هذا المشروع هم من المتطوعين، و لحد الآن لم يواجهوا أية مشكلة تذكر جراء مخاطر العمل، والجميع مشغولون بإنجاز المشروع برغبة وجدٍّ.

* فحص التربة إلى عمق 26 م

كما أكد على الدقة المتناهية التي اعتمد عليها في إنجاز هذا المشروع، ومن هذا المنطلق تم إجراء دراسات وبحوث أساسية وجادة من جملتها استخراج التربة من عمق 26 م أسفل الأعمدة واختبارها لكي يتم اتخاذ القرار المناسب في العمليات التنفيذية، وأضاف: الأعمدة قديماً كانت مشيدة من الطابوق، لكننا استخدمنا الكونكريت المقاوم وزدنا من استحكامها بمقدار طنين لكل سنتيمتر مربع، وهذا التراكم المحكم في الحقيقة مقاوم للانفجار لأننا زودناه بمواد خاصة في هذا الصدد.

* تدعيم البنى التحتية للأعمدة

وأشار علي مهاجري إلى عمليات تدعيم الأعمدة وتقوية البنية التحتية لها قائلاً: من المؤكد أن أعمدة الضريح المقدس للإمام الحسين يجب أن تدعم من أسفلها لكي تتحمل ثقبل البناء الذي يستقر عليها، لذلك بادرنا إلى إيجاد قواعد تحت الأرض لتقويتها، حيث اعتمدنا على حفارات متطورة وبدأنا عمليات الحفر في أطراف الضريح المبارك حتى وصلنا إلى محل استقرار الأعمدة وجعلنا الدعائم التحتية الساندة لها في عمق أربعة أمتار وفق عمليات دقيقة للغاية، حيث يتم وضع أربع دعامات حول كل عمود ومن ثم يتم ربطها مع بعضها.

* الاعتماد على الكونكريت المسلح في تدعيم الأعمدة

وأضاف مسؤول لجنة إعمار العتبات المقدسة في محافظة كرمان في السياق ذاته: الدعامت التحتية للأعمدة تم تشييدها بالكونكريت المسلح وقد أصبحت مستحكمة إلى أقصى حد، فحتى وإن حدث ضعف في قواعد الأعمدة القديمة فهذا الأمر سوف لا يؤثر على استقرار الضريح لأن الدعامات الجديدة ستنوب عنها، وهذا الأمر لم يكن اعتباطياً بل منذ عام 2009 م اختبرنا عينات من تربة الضريح المقدس وفحصنا القواعد التي ترتكز عليها الأعمدة والجدران بواسطة أجهزة سونار متطورة واستكشفنا نوع وكثافة التربة حتى عمق 35 م.

* التربية المحاذية لجثمان الامام الحسين "لها رائحة عجيبة"

وأشار مهاجري إلى علميات الاستكشاف التي أجريت في الضريح المبارك بواسطة أجهزة السونار الحديثة قائلاً: أجهزة السونار التي اعتمدنا عليها لفحص كثافة التربة وتراكمها تعمل بانعكاسات أشعة أكس، وهي تشابه في عملها أجهزة الاستكشاف بالأشعة السينية، حيث تصور لنا جميع خصائص التربة تحت السطح، وبما أن هدفنا كان تحديد هذه الخصائص حتى عمق 15 م فقط فقد باردرنا إلى فحصها بهذا المستوى، ولكننا في الحقيقة في أسفل الضريح بالتحديد لم نتمكن من استكشاف مسافة أبعد من ستة أمتار تحت الضريح المطهر مما أثار تعجبنا فأدركنا حينها الجثمان الطاهر للإمام الحسين (عليه السلام) مدفون على عمق 6 إلى 7 م أسفل الضريح.

والأمر الآخر الذي أثار دهشتنا أن التراب الذي استخرجناه من عمق 11,5 م يختلف في نوعه ورائحته عن التراب الموجود على عمق آخر، وقد وجدنا التربة المحاذية للجثمان الطاهر للإمام له عطر عجيب ونوعه مختلف تماماً عن تربة سائر النقاط التي حفرناها.

* تغيير لون التربة المجاورة لجثمان الإمام الحسين في يوم عاشوراء

كما أكد المسؤول عن ترميم القبة الحسينية وتدعيم الأعمدة وترميم جدران الضريح في السياق ذاته قائلاً: نقلنا كمية من التراب الذي استخرجناه من المنطقة المحاذية لجثمان الإمام الحسين إلى أحد المختبرات في محافظة كرمان قبل ثلاث سنوات، والمثير للدهشة أنه يصبح أحمر اللون في يوم عاشوراء، وفي اليوم التالي يعود إلى حالته الطبيعية، وهذا الأمر يتكرر في يوم عاشوراء من كل عام.

* تنحيف الأعمدة

وأما بالنسبة إلى مشروع تنحيف أعمدة الضريح، قال: تنحيف أعمدة الضريح يتم على أساسه التقليل من سمكها وبالتالي تضييق قطرها، حيث قمنا بحك مقدار من الطبقة المحيطة بها ومن ثم قمنا بتدعيمها بواسطة قضبان فولاذية وكونكريت مسلح، وسوف نواصل العمل بهذا النمط.

ولأجل أن ننفذ هدفنا في تمكين كل سنتيمتر مربع يتحمل طنين من الوزن، قمنا بتدعيم الأعمدة بالشكل الذي يضمن ذلك في حين أنها قبل ذلك كانت تتحمل ما مقداره طنٍّ واحد لكل سنتيمتر مربع.

وفي هذا الصدد بادرنا إلى إقامة طبقة كونكريتية مسلحة بسمك 40 سم مع شبكة قوية من القضبان الفولاذية.

الحفاظ على الهيئة التراثية الأصيلة للأعمدة بعد تنحيفها

وبالنسبة إلى شكل الأعمدة صرح المدير التنفيذي لهذا المشروع قائلاً: لو أننا أردنا تنحيف جميع الأعمدة بسرعة وسهولة، كنا قادرين على أن نجعل سمكها 70 سم فقط، لكننا راعينا في عملياتنا بأن نحافظ على التراث الأصيل لها.

* تنحيف الأعمدة أوجد مساحة إضافية للزائرين

 

وأكد أنه بعد تنحيف الأعمدة اتسع النطاق الداخلي للضريح، وقال: بذلنا قصارى جهودنا لكي يكون قطر الأعمدة متناسباً مع الأجواء الداخلية للضريح والجدران المحيطة بها، وفي الحين ذاته كان من الواجب علينا إيجاد مساحة أكبر في الضرح المقدس، فقد نجحنا في هذه المهمة، حيث سيقل التدافع والزحام في أيام الزيارة إلى مستوى أقل مما كان عليه.

* تنحيف الأعمدة بمقدار 2,80 م

وفيما يخص المقدار الذي تم تقليله من قطر الأعمدة في الضريح الحسيني اضاف علي مهاجري: كان مقرراً في بادئ الأمر أن يتمّ تنحيف كل عمود بمقدار متر واحد، ولكن بعد الإجراءات التي تم اتخاذها والإذن الذي حصلنا عليه من جانب إدارة العتبة الحسينية المقدسة، اتفقنا على أن نقوم بتنحيف كل عمود بمقدار 2,80 م، لذلك تم فسح المجال بين الأعمدة بمسافة تبلغ 9 م مما يجعل المكان يستوعب زائرين أكثر.

طبعاً هنا لا نستطيع تحديد العدد الإضافي الذي يمكن استقباله في هذه المساحة الإضافة إبان مواسم الزيارة والزحام الشديد، ولكن على أي حال فنحن إضافة إلى تحكيم الأعمدة وتقويتها أضفنا مساحة تستوعب أعداداً إضافيةً.

* إكمال ما مقداره 50 بالمئة من المشروع

وأشار مهاجري إلى عمليات سير المشروع والمقدار الذي تم إنجازه حتى الآن قائلاً: تمكنا حتى الآن من إكمال ما مقداره 50 بالمئة من مشروع تنحيف الأعمدة، واستطعنا إضافة 26 م من المساحة الإجمالية التي تشغلها هذه الأعمدة والبالغة 48 م الأمر الذي يفسح مجالاً أوسع للزائرين في الضريح المقدس، وهذا الأمر برأي هام للغاية.

* وضع شباك على غرار الشباك الفولاذي في العتبة الرضوية بمدينة مشهد

ومن جملة المشاريع المزمع تنفيذها في العتبة الحسينية ، نصب شباك جديد، وهو ما أكده المدير التنفيذي لمشروع ترميم القبة، حيث قال: طلبت منا إدارة العتبة الحسينية بأن ننصب على الجدار المجاور للضريح المبارك شباكاً على غرار الشباك الفولاذي في العتبة الرضوية، وتبلغ قياساتها خمسة أمتار ارتفاعاً وعرضاً.

* عدم الحاجة إلى إعادة إعمار القبة الحسينية حتى خمسة قرون لاحقة

وبالنسبة إلى المشروع الأساسي والهام في ترميم القبة المطهرة في الحرم الحسيني، قال السيد علي مهاجري: جميع الأقواس الداخلية المحيطة بالقبة مبنية من الجبس والطابوق، ويعود تأريخ تشييدها إلى فترة تتراوح بين 400 إلى 500 سنة، وطوال هذه السنوات المتمادية تعرضت لشقوق عديدة، لذا لا بد من ترميمها بدقة فائقة وتدعيمها بقضبان مستحكمة وروابط فولاذية وتغليفها بطبقة كونكريتية، وبالفعل فقد قمنا بذلك وقد وضع حل لهذه المشكلة إلى حدٍّ ما، وسوف تبقى متقومة حتى خمسة قرون لاحقة دون الحاجة إلى إعادة ترميمها من جديد.

وبالنسبة إلى نوع الرخام الذي استخدم في تغليف الأعمدة، قال: أحجار الرخام الذي سيعتمد عليها في تغليف الأعمدة في الضريح تم تجهيزها في مدينة أصفهان، وفي الوقت الحاضر فنحن نعمل على إكمال المقرنسات في أعلا هذه الأعمدة بمحاذاة السقف ومن ثم سوف نغلفها واحداً تلو الآخر، وكل عمود ينجز بالكامل فهو يدشن مباشرة دون الحاجة إلى إقامة مراسيم رسمية لافتتاحه.

* تنحيف كل عمود سيدوم مدة ستة أشهر

وعلى صعيد الزمان المقرر لتنحيف كل عمود، صرح المسؤول التنفيذي قائلاً: الزمان الذي يستغرقة تنحيف كل واحد من أعمدة الضريح يبلغ أكثر ستة أشهر تقريباً، وإضافة إلى ذلك فقد طلبت منا إدارة العتبة الحسينية المقدسة إجراء بعض الإصلاحات على السقف وهو أمر لم نتفق عليه سابقاً.

* اختلاف قبة العتبة الحسينية عن قباب سائر المراقد

وأشار إلى الفرق بين القبة الحسينية وسائر القبب في الأضرحة الأخرى بالقول: القبة المباركة في العتبة الحسينية متقومة على أقواس، وهي بهذا النمط تختلف عن قبب سائر الأضرحة المقدسة، إذ إن المتعارف في سائر البقاع الدينية أن تتقوم القبة على أعمدة.

القبة الحسينية ترتكز على أقواس، وهذه الأقواس بدورها تستند إلى أعمدة في أسفلها، لذا فإن عملية ترميم القبة يجب أن تكون في غاية الدقة والمهارة، إذ يجب من جهة الحذر في التعامل مع تدعيم الأعمدة، ومن جهة أخرى لا بد من اتخاذ جنب الحيطة في التعامل مع الأقواس التي هي في الواقع مشيدة من الطابوق ومدعومة بألواح خشبية قديمة منحوتة بشكل مقوس وبأبعاد 50 سم x 50 سم.

* معجزة حالت دون انهيار قبة الحرم الحسيني

ذكر علي مهاجري المدير التنفيذي للمشروع أمراً في غاية الأهمية، ألا وهو تدخل يد الغيب الإلهي في الحفاظ على القبة الحسينية متقومة، حيث قال: جميع الألواح الموجودة تحت القبة المقدسة قد تهرأت بشكل كبير بواسطة ديدان العثة، وقد وجدنا بعضها قد ثقبت حتى عمق ثلاثة أمتار، لذا حينما شاهدنا هذه الظاهرة وقارناها مع الوزن الثقيل التي تحمله هذه الألواح والذي يبلغ 1200 طن، أدركنا أن المعجزة الإلهية فقط هي التي حالت دون انهيار القبة على رؤوس الزائرين، إذ ليس هناك أي خبير وتقني يؤيد أن هذه الألواح المتهرأة بإمكانها حمل كل ذلك الوزن الثقيل.

وكما هو معلوم فالبناء القديم للقبة هو من الجبس الذي فقد خاصيته التماسكية إثر مرور الزمان وكثرة الرطوبة، ولكننا قمنا بتدعيمها بطبقة كونكريتية في سقفها وجدرانها وأقواسها، وسوف تحل هذه المشكلة قريباً.