2017-08-14 18:39:00

في معظم التاريخ السياسي العالمي لم ينجز الاستقلال إلا على يد الأحرار، وباستثناء القلة القليلة جدا، التي جاءت نتيجة صفقات بين مستفيدين من أطراف المستعبدين ( بكسر الباء ) كما حصل للدول الممسوخة من اتفاقيات استعمارية مثل اتفاقية سايكس بيكو وأمثالها في العالم، إلا إن البقية الغالبة قاد استقلالها زعيما وطنيا أو حزبا ما أو مجموعة ثورية، لم تستأذن أحدا إلا إرادتها وشعبيتها بين الأهالي، ولنا في تجارب الجزائر وفيتنام ودول البلقان وجمهوريات أمريكا اللاتينية وإفريقيا واسيا خير أمثلة على ما ذكرناه، ولم تكن تلك الدول التي ولدت من خضم الكفاح المسلح أو النضال المدني بقرار من برلمان أو مؤسسة تشريعية، بل من زعيم وطني أو حركة تحرر يقودها مجموعة ثوار أو حزب ما.

 

    وفي كل تلك التجارب كان الأحرار هم الذين يقودون حركات التحرر أو الاستقلال، وبالتأكيد كان هناك دوما قوى مضادة مرتبطة بشكل من الأشكال مع الطرف المحتل سواء كعملاء مباشرين أو مرتزقة مأجورين أو تناغم في المصالح بين الاثنين، وربما هناك في كثير من التجارب نزاعات قبلية أدت إلى ظهور مجاميع من العبيد الخانعين الذين ارتبطوا مع عدو شعبهم ونفذوا له برامجه كما كان يحصل عدنا هنا في كوردستان فيما أطلق عليهم الشعب هنا مصطلح ( الجته ) أو ( الجحوش ) وهي جمع لصغار الحمير، حيث الازدراء والتحقير من قبل الأهالي لهؤلاء الذين اختاروا جانب الخنوع والعبودية للآخر.

 

    إن الذين يصنعون أحداث التاريخ يقودون شعوبهم إلى مستقبل زاهر ربما يمر بمراحل عسيرة حتى يتحقق الحلم، لكنهم يبقون في خانة الأحرار، ويبقى الآخرون من المضادين لهم عبيدا خانعين لإرادة غرائزهم وأعداء  شعوبهم، ولنا في تجارب الفيتناميين الجنوبيين والجزائريين الموالين للاحتلال الفرنسي، والعشرات من الدول التي أفرزت مجاميع مما نشاهده اليوم من عبيد تتأصل فيهم مشاعر الدونية والتبعية التي تلغي وجودهم الإنساني الحر، وتجعلهم أدوات خانعة بيد الطرف الآخر سواء كان محتل أو معارض لحرية أولئك الأحرار.

    وليس بعيدا عن متناول أي باحث أو مراقب أفواج أولئك الذين لا يمثلون إلا الصفحات السوداء في تاريخ بلادهم وشعوبهم، والمآل الذي وصلوه في نهاية الرحلة، مقارنة مع ما حققه الأحرار من مجد وازدهار، ويقينا إن كوردستان اليوم تسير بذات النهج الذي رسمه أحرارها الأوائل عبد السلام البارزاني والشيخ احمد البارزاني والملك محمود الحفيد وملا مصطفى البارزاني وجلال طالباني وقائد مشروع الاستقلال مسعود بارزاني.


    ترى ماذا ستقول الأجيال القادمة، وماذا سيكتب التاريخ، وكيف سيصف هؤلاء القادة، وفي الجانب الآخر، هل من متسع لقصاصة تحكي عن عبيد باعوا حريتهم بدرهيمات مهينة!؟