2019-09-17 07:22:46

بمناسبة مرور 80 عاماً على وفاته

السياسي أوتو ويلس وصيحته الانسانية الشجاعة ضد الدكتاتورية

(1873.09.15ــ1939.09.16)

مانعرفه عن السیاسي الألماني الشجاع أوتو ویلس الذي أنتخب عام ١٩١٩ رئیساً للحزب الإشتراكي الدیمقراطي الألماني، هو أنە کان أحد أبرز المناهضین لهتلر و صعود حزب الإشتراكي القومي في بلاده. حیث توفي بعد أسبوعين من هجوم المانیا النازية علی بولندا عام 1939 في منفاه بباريس وهو أبن السادس والستين.

لقد كتب الكثير من المقالات حول شخصیة و حیاة ویلس، الذي يستحق التقدير في كل زمان، لکننا نعرض هنا بإختصار ما کتبه جورج بونش في مجلة دير شبیغل الألمانیة عن اعتراضه الجريء لقانون الذي منح هتلر ان يصبح دكتاتوراً في المانيا.  

في الثالث والعشرين من مارس/أذار عام 1933 و بالتحديد في الساعة 2,05 ظهراً بدأ إجتماع البرلمان في برلين و في دار الأوبرا كرول. كان هناك صليباً معقوفاً ضخماً مرعباً معلق على الحائط خلف المنصة یلمع. أستخدم تلك القاعة المعروفة کمکان للإجتماع بعد حرق الرايخستاغ (مبنى البرلمان الالماني).

أما رجال کتیبة العاصفة الـ "إس أ" و وحدات من الـ "إس إس" فقد کانت تحمي أماکن الدخول والخروج من القاعة، وكان بعضهم يصرخ بملء حنجرته: "نطالب بقانون التفويض، وإلا فستندلع نار!"

لم يحضر 107 عضو من أعضاء البرلمان من الحزبين الإشتراكي الديمقراطي و الشيوعي الألماني الإجتماع لأسباب معروفة، فأنهم كانوا إما قابعين في السجون أو هاربين خوفاً على حياتهم. 

وكان هتلر بحاجة الى أغلبية ثلثي أصوات الحاضرين، وبالتالي توصل کل من وزير الداخلية فريك ورئيس الرايخستاغ غورينغ الی مایمکن وصفه بخدعة، حيث إعتبرا النواب الغائبين بدون عذر بـ "حاضرين". وهكذا لم تنجح مسألة مقاطعة الإجتماع. لم يُحصى مقاعد نواب الحزب الشيوعي الألماني (81 عضواً) وبذلك اکتمل "النصاب القانوني". 

ومع ذلك فقد ظل الإئتلاف المكون من حزب النازيين والحزب الشعب الوطني الألماني بقيادة هوغنبرغ معتمداً على سلوك حزب الوسط وحزب الشعب البافاري. وكانت هاتان المنظمتان تمثلان الكاثوليكية السياسية المتفككة داخلياً. 

وربما كان بأمکان هذين الحزبين منع دفع البلاد الی الهاوية. لکن عندما أكد هتلر، وهذه المرة مرتدياً الزيّ العسكري، بأن الطوائف المسيحية "أهم عوامل حفظ الأمة الألمانية" و ستبقى حقوق تلك الطوائف مصانة، أصبح في وضع يسمح له ان يكون مطمئناً بالحصول على أصوات هذه الأحزاب. 

عند الساعة 6,18 مساءً صعد رئيس حزب الإشتراكي الديمقراطي الألماني أوتو ويلس على المنصة ليلقي کلمته، وفي يده مخطوطة من خطاب كتبه له الصحفي فريدريك شتامفر وكان ذلك الخطاب أخر إقرار رسمي عن الإلتزام بالديمقراطية.

تكلم ويلس بهدوء وبتأمل، ولم يسمح ان يتشتت إنتباهه بسبب ضحكات النازيين، التي دونت بشكل مستمر في المحضر الرسمي للجلسة. "أنتم"، وجه خطابه الى نواب النازيين "أنتم تسعون في بادئ الأمر القضاء على الرايخستاغ بغية مواصلة ثورتكم". هذا وشدد ويلس قائلاً ، "إن تدمير ما هو موجود بالفعل، لم يكن يوماً من الأیام ثورة".

قبل ان يهتف أنصار هتلر "صيحات صاخبة عن الخلاص" (هكذا في البروتوكول) أقر زعيم الحزب الإشتراكي الديمقراطي علانية ً "بأنتمائه في هذه اللحظة التاريخية الى مبادئ الإنسانية والعدالة والحرية والإشتراكية". ومن ثم خاطب ويلس المستشار الالماني هتلر قائلا ً: "لا يمنحك اي قانون تفويضي تلك السلطة لتدمير الأفكار التي هي أبدية وغير قابلة للدمار".

كان هتلر غاضباً وفي طريقه إلى المنصة دفع بقوة بنائبه بابن، والذي كان يحاول تهدئته، الى الجانب. "وأنا لا أريدكم أبداً أن تصوتون على ذلك" هكذا صرخ الرجل في وجه الإشتراكيين الديمقراطيين. "ينبغى ان تصبح المانيا حرة، ولكن لا عن طریقكم!"

إضطر ويلس بعد فترة وجيزة على أثر ذلك الى الفرار، حیث توفي عام 1939 في باريس.

لقد صوت 444 عضواً لصالح قانون التفويض، وكان ذلك أغلبية كبيرة جداً، وقد علق رئيس حزب الوسط اللاهوتي لودفيغ كاس علی هذا الأمر في إشارة الى "المأزق الملتهب الذي يعانيه الشعب والدولة." 

والليبراليون من جهتهم، ومن ضمنهم النائب تيودور هويس والذي اصبح في وقت لاحق أول رئيس لجمهورية ألمانيا الإتحادية، فقد وضعوا "مخاوفهم الجدية" جانباً "تحسباً لتطورات قانونية ملائمة". 

ولم يكن هناك سوى 94 صوتاً ضد القانون، أتت جمیعها من قبل أعضاء الحزب الإشتراكي الديمقراطي الألماني.

دخل القانون في اليوم التالي حيز التنفيذ، أطلق هتلر علیه إسم "قرار السلم أو الحرب". وعلقت الجریدة المركزية للحزب النازي "فولكشة بيوباختة"، بأنە بأستطاعة هتلر من الآن فصاعداً أن "يفعل كل ما هو لازم لخلاص ألمانيا." وهذا يعني بکل وضوح: "أن وهم بابن و هوغنبرغ، بالقدرة على إستخدام هتلر لإقامة دولة استبدادية قد تفتت بعد أقصر وقت. أما هتلر فقد کان في طريقه نحو الدكتاتورية من دون رجعة.