العراق والولايات المتحدة، بعد سنوات من الصراع، ما زالا بحاجة إلى بعضهما البعض.
سارة علاوي ومايكل اوهانلون
بعد أشهر من إدارة البلاد من قبل حكومة تصريف أعمال، وافق البرلمان العراقي مؤخرا على رئيس وزراء جديد، وهو رئيس المخابرات السابق مصطفى الكاظمي. ولتحقيق النجاح، سيحتاج الكاظمي إلى إحراز تقدم على جبهتين سياسيتين: إيجاد طريقة مع واشنطن للحفاظ على الشراكة العسكرية الأمريكية، ووضع خطة للإصلاح الاقتصادي والتجديد.
ان مشاكل العراق الان أكثر صعوبة مما كانت عليه في السنوات الأخيرة، فبعد اغتيال الولايات المتحدة لقاسم سليماني العقل المدبر للجيش الايراني في يناير / كانون الثاني، بالإضافة إلى زعيم ميليشيا عراقية، وافق البرلمان العراقي على قرار غير ملزم بأن تغادر القوات الأمريكية البلاد. وبعد الهجمات الصاروخية في 11 مارس التي قتل فيها أمريكيان اثنان وجندي بريطاني، ردت الولايات المتحدة على الجاني المشتبه به، وهي ميليشيا مدعومة من إيران.
لقد بدأت القوات الأمريكية باتخاذ الاحتياطات وتعزيز المواقع بشكل افضل في عدد أقل من القواعد المحمية، لكن الوضع لا يزال مشحوناً للغاية. وليس من الواضح ما إذا كانت الحكومة ستدعم الآن الوجود العسكري الأمريكي، على العكس من القرار الذي صوت عليه البرلمان
ليس هناك شك في أن من الأفضل للعراقيين والأمريكيين العمل معاً، بالاخص الآن.
ان الوجود الأمريكي مهم جداً بالنسبة للعراقيين، حيث يشكل ثقل موازي للوجود الإيراني والدولة الإسلامية )داعش). كما أن الأميركيين يساعدون في السياسات الداخلية العراقية، وخاصة الانقسامات الطائفية في القوات الأمنية، وكثيراً ما يزيلون التوترات والشعور بعدم الثقة بينهم. كان هذا صحيحا خلال الطفرة في 2007-2008 ومع تصعيد تنظيم الدولة الإسلامية للهجمات أثناء الحظر الشامل بسبب فايروس كورونا المستجد COVID-19، وقد أصبح هذا القلق حاداً مرة أخرى.
هناك أيضاً أسباب مهمة للحفاظ على شراكة وثيقة بين الولايات المتحدة والعراق، واصبح ذلك واضحاً تماماً في عام 2014، عندما اضطر الرئيس أوباما، بعد أن احتفل بانسحاب جميع القوات الأمريكية من العراق في عام 2011 ، إلى إعادتهم للمواجهة مع تنظيم الدولة الإسلامية، وإلا فإن تدفقات اللاجئين إلى أوروبا وخارجها كانت ستكون اكبر بكثير، وكان من الممكن ان تتعرض المراكز الرئيسية لإنتاج النفط بالقرب من الخليج الفارسي لتهديد اكبر.
ولا تزال الدولة الإسلامية والجماعات الإرهابية الأخرى تشكل تهديداً اليوم، حتى لو لم تعد تسيطر على أراضي في العراق. فإنهم ينشرون تكتيكات جديدة للعمليات الصغيرة والغارات السريعة (هجوم سريع وهروب) التي تستفيد من الثغرات الأمنية التي نجمت عن إعادة انتشار الجنود والشرطة العراقيين لضمان امتثال المواطنين لاجراءات الحظر بسبب فايروس كورونا. يتمثل دور القوات الأمريكية اليوم في دعم الجنود والشرطة العراقيين في التدريب والمساعدة التقنية بدلاً من العمليات القتالية.
استمرار الدعم الأمريكي في العراق يتطلب مزيداً من الوضوح بين بغداد وواشنطن بشأن قواعد الاشتباك. حيث يحتاج العراق إلى بذل المزيد من الجهد للمساعدة في حماية القواعد الأمريكية والمصالح الأخرى في البلاد. وتحتاج الولايات المتحدة إلى الحد من أي استخدام للقوة العسكرية من جانب واحد ضد أولئك الذين ربما يتعرضون لقواتها. ويجب عدم القيام بأي أعمال انتقامية، مهما كانت مبررة، إلا بعد التشاور والاتفاق بين الحكومتين.
الحكومة العراقية الجديدة تحتاج أيضاً إلى استراتيجية لإضعاف وإزالة الميليشيات المدعومة من قبل إيران وغيرها من الميليشيات الخاصة. لقد ساعدوا سابقا في هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية، لكنهم أيضاً قوى مزعزعة للاستقرار، ويمكن تجنيد مقاتلي المليشيات أو الوحدات الصغيرة القادرة على القتال في القوات الامنية المسلحة، وتقديم تعويضات لهم وفرص عمل للآخرين. إن القدرة على إحراز تقدم على هذه الجبهة ستكون مؤشراً هاماً عما إذا كان باستطاعة رئيس الوزراء العراقي الجديد تحقيق الاستقرار في البلاد بطريقة لم يستطع معظم أسلافه تحقيقها.
على الصعيد الاقتصادي، أنتج الإحباط من الفساد وقلة فرص العمل, مظاهرات حاشدة نهاية عام 2019 على عكس ما شهدناه في العقود الأخيرة. كان ذلك قبل جائحة فيروس كورونا المستجد COVID-19 ، والانخفاض المرتبط به في أسعار النفط.
سيستغرق الأمر بعض الوقت للتعافي من الأزمة الحالية، ناهيك عن عقود من الفساد وسوء الادارة من قبل النخب العراقية. لكن يمكن للكاظمي شراء الوقت، والدعم، من خلال إقناع البرلمان بتمرير قوانين تقاسم عائدات النفط التي تخصص الأموال بشكل ثابت ومنصف في جميع أنحاء البلاد، مع توزيع الإيرادات على أساس العدد السكاني في المحافظات.
كما يمثل ارتفاع معدل البطالة مشكلة كبيرة، وهو سبب رئيسي للعديد من التظاهرات في جميع أنحاء العراق. يمكن أن تساعد خصخصة الكيانات المملوكة للدولة، إذا تم ذلك بشكل عادل، ولا يزال إرث هيمنة الدولة على الاقتصاد يعوق النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل.
لقد طالب المتظاهرون بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة أيضاً، وعلى الحكومة تحديد موعد لها في غضون عام. قبل التصويت، كما تحتاج الحكومة إلى تغيير مفوضية الانتخابات ونظامها القائم على المحاصصة الطائفية، بمفوضية انتخابات تتكون إلى حد كبير من قضاة مستقلين.
وبعد سنوات من الصراع والشدة، لا يزال البلدان بحاجة إلى بعضهما البعض، ويمكن للعديد من الاستفادة من المساعدات الفنية والمعونة الأمريكية. لكن لا شيء سيتطلب موارد جديدة كبيرة. قد يكون من الممكن الاستفادة من هذه الايجابيات والدخول في علاقة أكثر إنتاجية. ونأمل أن تستغل بغداد وواشنطن هذه الفرصة.
سارة علاوي / رئيسة الحركة الشبابية لحزب الوفاق الوطني العراقي
مايكل أوهانلون / كبير زملاء معهد بروكينجز.