2017-04-25 15:21:00
بعد التخندق القومي داخل البرلمان العراقي ضد الكورد، تمترس الكثير من السياسيين والكتاب العرب في العراق، عند حديثهم عن الإستفتاء العام المزمع إجراؤه في وقت لاحق في كوردستان تمهيداً لإعلان الاستقلال، بعد عقود من الكفاح والنضال المرير، خلف كلمة (ولكن) التي تأتي بعد عبارات لا تضر ولا تنفع وتلمح الى حق التطلع والطموح، وحق الشعب الكوردي الدستوري والقانوني والتاريخي والإنساني في تحديد مصيره.
هذه ال(ولكن - ات) لا تأتي بحجة الدفاع عن الكورد، أو انتصاراً له، ولا تنبع من الحرص والشعور بالمسؤولية، إنما هي إنحياز مباشر للمواقف الشوفينية والعنصرية المعادية للكورد وتعبير عن الإساءة للتاريخ والجغرافيا، وهي فبركة للوقائع وكيل التهم المغلفة، كما تدفع نحو تثبيط الهمم واليأس من المستقبل والتشكيك بجدوى العملية والإنشغال بالصراعات الجانبية. وهي أيضاً تسابق بطريقة غير مسبوقة في تسمية الأشياء بغير أسمائها بلغة بعيدة عن مراعاة شروط اللعبة السياسية والدستور الذي ساهموا في كتابته وتمريره، والذي بفضله حصلوا على الإمتيازات الكثيرة والكبيرة، وهي سهام مسمومة موجهة ضد الشعب الكوردستاني الذي إحتضنهم في أيام المحن ووفر لهم الضمانات التي لاحصر لها ولا مثيل لها في التاريخ، ومحاولات مكشوفة لجره الى الفتن المتوالية وإضعافه، لإنه يطالب بالإستفتاء وتقرير المصير وقيام دولة مستقلة له بعيداً عن الغدر والظلم والتعرض إلى سياسات قمعية ومشكلات تمثلت في حملات الأنفال والتعريب والتهجير والترحيل والحصار الاقتصادي.
مطلقي تلك ال (لكن- ات) أناس مأزومون على كل الصعد، تعشعش في شخصوهم الأحقاد و الكراهية و البغضاء تجاه الكورد خاصة وتجاه بني البشر بشكل عام، لذلك نراهم مرتبكين قلقين يشعرون بالخوف من كل شىء، يعادون ويخونون الآخرين ولا يستطيعون التعايش معهم، يصادرون حقوقهم الطبيعية والانسانية والقانونية، ويشككون بهم ويتهمونهم بالخيانة والعمالة، فيما هم خونة وعملاء. والمشكلة ان غالبيتهم سواء كانوا سياسيين أو كتاب إسلاميين أوعلمانيين- شيعة وسنة- يتصرفون بنفس الطريقة ماداموا يتعاملون مع الكورد، ولا أدري لماذا يختلفون في كل شىء وعلى كل الأمور طوال التأريخ، حتى إن كان وارداً في القرآن الكريم والسنة النبوية، بينما يتفقون ضد الكورد وتطلعاته المشروعة.
ترى هل بإمكان المنصفون والعقلاء (الأقلية) من السياسيين والكتاب الاسلاميين والعلمانيين- الشيعة والسنة، ان يحثوا أقرانهم (الأغلبية) على معالجة أزماتهم النفسية، والإشكاليات التي تكمن في عقلية التفرد والإستعلاء وسياسة التمييز والإقصاء التي تقولبت في عقولهم وفق مقاسات قومية وطائفية ومذهبية معينة، وإقناعهم بأن زمن سيطرتهم على كل شىء قد ولى، وبأن عليهم الإحساس بإنسانية الآخرين حتى يستطيعوا العيش كبشر؟. وهل بإمكانهم إقناع هؤلاء بأن الإستفتاء وإستقلال كوردستان ستكون نتيجة لقرار الشعب الكوردستاني، وأن حكومة بغداد، أو حكومات دول الجوار، غير قادرة على إيقاف هذا المشروع الدستوري والقانوني والتاريخي والإنساني؟.