الظرف الاقتصادي الذي يمر به العراق صعب وحرج نتيجة تحديات كثيرة ومعروفة للجميع أهمها سوء الأداء الحكومي منذ عام 2003 ولحد الآن وجائحة كورونا وما أتبعها من ركود اقتصادي عام في جميع دول العالم ومنها العراق وانخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية ما جعل الحكومة الجديدة برئاسة السيد الكاظمي في موقف صعب لاتحسد عليه.
المواطن العراقي هو من يدفع الثمن في كل ماجرى وسيجري في المستقبل, ويمكننا تقسيم العراقيين في اعتقادي الى ثلاثة أقسام الأول هو الطبقة السياسية والثانية الموظفون والثالثة هو الباقي من الشعب, قد يكون هذا التقسيم غريباً بعض الشيء ولكنه هو الحقيقة التي نعيشها فالطبقة السياسية هي اصغر هذه الطبقات عدداً ولكنها هي الطبقة المتنعمة بمعظم خيرات البلد وتحظى بمعظم موازنة البلد عن طريق رواتب خيالية ومخصصات وامتيازات غير عادلة ,أما الطبقة الثانية وهي الموظفين في القطاع العام والمتقاعدين والتي يبلغ عددها حوالي ستة ملايين وخمسمائة ألف شخص حسب آخر الاحصائيات الحكومية,وهذه الطبقة تعيش على الرواتب التي تتقاضاها من القطاع العام والتي يجب أن تكون خطاً أحمر لايمكن أن تتعداه الحكومة ويجب عليها أن لاتفكر أبداً بالمساس به لأنه مورد رزقهم الوحيد.
أما الطبقة الثالثة والتي أريد التركيز عليها في مقالتي هذه وهي الطبقة المغبونة دائماً والمحرومة من خيرات البلد وهي المتبقي من أفراد الشعب وهي الطبقة الكبيرة والتي تمثل أغلبية الشعب والتي يقدر عددها اذا ما طرحنا أعداد الطبقتين الاولى والثانية من تعداد سكان العراق التقريبي فسيكون عددها حوالي ثلاثة وثلاثون مليون نسمة وهي الأغلبية العظمى من الشعب العراقي وهي الفئة المغبونة والمنسية دائماً والتي لايذكرها أحد وكأنها تنتمي لبلد آخر غير العراق لذلك فحقوقها مفقودة ومعاناتها منسية .
تعتاش هذه الأغلبية العظمى على أعمال خاصة مختلفة فمنهم من يعمل في القطاع الخاص حسب اختصاصه ولكن بدون تقاعد ولاضمان ومهدد بأي لحظة بالطرد من العمل بسبب ضعف القوانين الحكومية الخاصة بالضمان الاجتماعي وعدم الزام القطاع الخاص بتطبيقها لذا ضاعت حقوقهم في زمن الفوضى,ومنهم من يعمل لحسابه الخاص عن طريق فتح محل أو ورشة أو معمل صغير أو بسطية صغيرة أو عجلة أجرة أو حمل أو ستوتة أو دراجة يسترزقون منها لهم ولعوائلهم, ومنهم من يعمل عند الغير بأجر يومي بسيط في مختلف الأعمال ومعظمها شاقة وبأجر قليل ومنهم من يعيش على اعانات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية والتي لاتسمن ولاتغني من جوع, ومعظم هذه الطبقة يسكنون في الايجار أو التجاوز.
هذه الطبقة المظلومة المسحوقة والتي أصبحت بلا مورد رزق نهائياً منذ بداية جائحة كورونا وتطبيق حظر التجوال ولحد الآن حيث توقفت أعمالهم وأغلقت أبواب رزقهم وتوقفت رواتب العاملين منهم في القطاع الخاص,أتعجب من موقف الحكومة ووسائل الاعلام منهم والتي لم تفكر أن تذكرهم ولا أن تجد حلاً لمعيشتهم والجميع منشغل برواتب الموظفين فقط وأنا كما قلت أعلاه أنني أؤيد بأن رواتب الموظفين والمتقاعدين يجب أن تكون خطاً أحمراً دائماً وخاصة أصحاب الرواتب القليلة ويجب عدم المساس بها في أي ظرف من الظروف, ولكن أليس من الأولى أن تفكر الحكومة بالطبقة التي تمثل أغلبية الشعب والتي تعاني أصعب الظروف والمعاناة في توفير لقمة العيش لهم ولعوائلهم, أليس من الأجدى بالحكومة أن تسارع الى وضع الحلول لتأمين أرزاقهم كما أمرت كل الأعراف الدولية والدينية والانسانية وكما فعلت معظم حكومات العالم مع شعوبها وهم يمرون بنفس الظروف التي نمر بها, وأليس هذا من صلب واجبهم, الحلول كثيرة وعلى الحكومة أن تسارع بها دون تأخير ومنها توزيع سلات غذائية جيدة تحتوي على المواد الغذائية الأساسية وعن طريق وزارة التجارة (عبر وكلاء التموينية) ومنها توزيع اعانات مالية سريعة وليست كمعونة حكومة عبد المهدي التي اعلنوا انها ستوزع قبل رمضان ولم توزع لحد الآن, وكذلك الأمر يحتاج الى قرارات صارمة لأصحاب الأملاك باعفاء المستأجرين عن الايجارات المستحقة لهذه الأشهر العصيبة أو تخفيض الايجارات الى مبلغ رمزي وبسيط لحين انجلاء الأزمة وكذلك وضع حد لجشع أصحاب المولدات الأهلية الذين يتحدون القرارات الحكومية بتسعيرة الأمبير ويفرضون بالقوة تسعيرات عالية تؤكد جشعهم وفرض عقوبات صارمة على التجار المحتكرين والمتلاعبين بقوت الشعب وكل هذه الاجراءات تحتاج الى القوة واعادة هيبة الدولة المفقودة .
انا على يقين بأن هذه الاجراءات الحكومية ان لم تقم بها الحكومة وان لم تجد حلولاً سريعة لمعاناة هذه الطبقة المظلومة فستكون العواقب وخيمة وسيكون رد الفعل الجماهيري كبيراً وجارفاً وعظيماً بقدر معاناتهم ومظلوميتهم, فهل هناك من عاقل في الحكومة والبرلمان يسمع ويتعّظ ؟؟؟؟