قضايا عديدة رفعتها حركة المعارضة الشعبية متمثلة في حركة الاحتجاج، وطالبت بها اثناء فعالياتها المتنوعة، كان منها ثلاث قضايا تخص الرقابة على أداء الحكومة، طالب بها المحتجون منذ انطلاق الموجة الثانية من فعالياتهم في شباط 2011.
اولى تلك القضايا مطالبة الحكومة بوضع واعلان برنامج لعملها، يحدد الاولويات المتعلقة بتحقيق الامن والاستقرار، ومباشرة البناء والاعمار، ومكافحة الفساد، وضمان العيش الكريم، وحفظ القرار العراقي المستقل. فمن غير الممكن الاكتفاء بالمنهاج الحكومي، بل لابد من برنامج واقعي قابل للتطبيق، تتم متابعة تنفيذه وفقا لوحدة قياس علمية محددة ومعلومة، ولجدول زمني محدد.
والقضية الثانية هي إلزام الحكومة بإصدار تقرير تقويمي نصف سنوي عن أدائها، يؤشر ما تم انجازه.
اما المطلب الثالث فركز على اعلان الحسابات الختامية في نهاية كل سنة.
هذا التقرير تلكأت الحكومات المتعاقبة في تقديمه الا ما ندر، وكان لعدم طرحه دور في فسح المجال امام عبث الفساد والتغطية عليه، والتمادي في نهب المال العام.
وحسنا فعلت حكومة السيد عادل عبد المهدي حينما اقرت، في جلستها يوم 5 شباط 2019، برنامجا حكوميا تضمن 1065 مشروعا، تعهدت بتنفيذها في غضون اربع سنوات، هي عمر الحكومة.
كما نسجل حسنة اخرى للحكومة بإصدارها يوم 25/6/2019، تقريرها نصف السنوي الاول عن متابعة تنفيذ البرنامج الحكومي، والذي تعلق بالفترة الزمنية من 1/11/2018 الى 30/4/2019. وتضمن هذا التقرير عشرة ابواب، بدءا بما لها صلة بالمحتويات، والمقدمة، والمنهجية، يليها ملخص تحليلي لتنفيذ البرنامج، ومخطط لسير عمليات تنفيذ البرنامج، ثم المعايير والاوزان المعتمدة في قياس البرنامج، ومعدل نسب الانجاز، وتفاصيل انجاز الوزارات، وصولا الى البيانات والاحصائيات، وانتهاء بملحق تفصيلي.
ومما يؤسف له ان اغلب القوى السياسية لم تعر اهتماما للتقرير، خاصة منها تلك التي اعلنت معارضتها، فهي لم تفصح عن مواقفها من اداء الحكومة وفقا للتقرير المشار اليه.
كذلك لم تتوقف منظمات المجتمع المدني، كل حسب اختصاصها، امام معطيات التقرير، باستثناء الجلسة التي أقامها الحزبان، الشيوعي العراقي والتيار الاجتماعي الديمقراطي، بالتنسيق مع المجلس العراقي للسلم والتضامن، حضرها مختصون، تناولوا فيها التقرير من مختلف الاوجه.
اما وسائل الاعلام، فباستثناء البرنامج الذي يقدمه الاعلامي الدكتور نبيل جاسم الذي توقف عنده باهتمام وبشكل ملفت، لم يحظ التقرير في تغطياتها ومتابعاتها باكثر مما يناله خبر عابر.
والغريب ان مجلس النواب نفسه لم يتبنّ حتى اليوم موقفا في شأن التقرير، وبذلك أغفل اهم دور رقابي له. وهو ما كان ينبغي عليه النهوض به، باعتباره الجهة الرقابية التي تدقق في المنجز على ارض الواقع وبصورة ملموسة.