2019-10-27 21:29:51


يؤكد التاريخ أن الجائع يفعل أي شيء بٲستثناء ما يمس كرامته للحصول على قوته، فقد روي عن الرسول (ص) انه كثيرًا ما كان يقول في دعائه مستعيذًا من الكفر والفقر: "اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر.
وهذا يؤكد أن ثورة التي تندلع بسبب الجوع والفقر تكون مدمرة لا هوادة فيها، لأن الذي لا يملك شيئاً لا يخاف فقدان أي شيء آخر حتی حياته، فالشعوب الجائعة لا تستطيع الصبر طويلاً ، سيما إذا عرفت أن هذا الجوع مفروض عليها بسبب سرقة أموالها من قبل سلطة فاسدة لا هم لها سوى سرقة قوت المواطنين ، فلنا أن نتخيل كيف ستكون ثورة الشعوب الجائعة !
التأريخ يخبرنا بأن ثورة الجياع أطاحت بعروش عريقة وامبراطوريات وجمهوريات عظيمة في العصر القديم والحديث ، فـ بدءا من ثورة الحرافيش في زمن مماليك مصر ومرورا بالثورة الفرنسية في عصر ماري انطوانيت  ، وانتهاءا بما حدث في تونس؛ عندما أقدم شاب على حرق نفسه بسبب الجوع، وبسبب الحكم الظالم ، ليصبح ما فعله بنفسه الشرارة الأولى التي أحرقت الظلم الذي مورس من قبل الانظمة العربية على شعوبها منذ اكثر من عقدين من السنين...
ورغم تعدد الحالات الا أن الحكام لايتعضون منها ، وما يشهده العراق هذه الايام من تظاهرات ما هي الا نسخة مكررة لثورة الجياع التي قادتها الشعوب في سبيل لقمة عيشهم
الا ان  مايميز احداث العراق عن غيرها هو ان هذا البلد لايعاني من قلة الموارد فالعراق غني بثرواته الطبيعية وبزراعته وبسياحته الدينية...
الٲمر الذي دعا العراقيين الى التساؤل، اين تذهب اموال النفط والسياحة في وقت لم تنفذ فيه الحكومة اية مشاريع خدمية تذكر ، بل ان الاهمال الحكومي  في مجال تنفيذ المشاريع الاستراتيجية كبناء سدود المياه بات امرا يهدد مستقبل بلاد الرافدين... هذا الى جانب انتشار البطالة وسط الشباب خاصة خريجي الجامعات والمعاهد العلمية ما ادى الى انتشار الفقر في العراق ٳذ بلغ معدله الى مستوی بحيث اصبح هذا البلد من افقر بلدان المنطقة، لذا طفح الكيل بالعراقيين وما عادو يتحملون المزيد، ما أدى الى خروجهم في تظاهرات احتجاجية عارمة رافقتها اعمال عنف سقط علی اثرها العديد من الشباب المطالبين بالقضاء علی الفساد وتحسين الواقع الخدمي والمعيشي لا اكثر،
ورغم احقية العراقيين في الاحتجاج والمطالبة بالاصلاحات، ٳلا ان هناك عدة تساؤلات باتت تطرح نفسها، منها لماذا هذه التظاهرات الآن وهل كان الوضع في عهد المالكي ٲو العبادي افضل مما هو عليه الآن؟
ٲم ان هناك اهدافا اخری غير معلنة للمتظاهرين او الذين يقفون خلفهم سيتم الكشف عنها عند انتصار ثورتهم. 

ومع ذلك تم تسريب بعض الاهداف الی وسائل الاعلام منها كتابة دستور جديد مغاير للدستور الحالي، دستور يلغي واقع الفدرالية ويتضمن بنود جديدة تلغي ٱو تهمش وجود المكونات العرقية الاخری المتواجدة وسط المجتمع العراقي لصالح المكون المسيطر علی السلطة.