إذا كانت الدعوات السابقة قبل الإستفتاء من أجل إستقلال كوردستان من قبل التیارات والأحزاب السیاسیة العراقیة الغارقة في سباتها العروبي الدوغمائي الطائفي تنظر الی مسألة الإتحاد والوحدة بنظرة أحادیة ضیقة وتفكّر فیها من تصوّر تبسیطي ساذج أو من نموذج مسبق جاهز بأعتبارها طیف آت من أقاصي الذاکرة مع السعي بإستراتیجیة قاتلة و مدمّرة لإقحامها علی الواقع العراقي المليء بإختلافات کیاناته وتنوعهم فلماذا المفاجئة إذن من المحصلة؟
العراق لم تکن مستقرة طوال قرن من الزمان بسبب فرض الوحدة القسریة علی شعب كوردستان. المحصلة الحالیة هي ثمن القفز فوق واقع الإختلاف. لقد أكتسبت القیادة الكوردستانیة الشرعیة الشعبیة لإعلان الإستقلال و لهذه القیادة الآن کل الصلاحیة في فسخ الإتحاد الطوعي مع العراق.
الوحدة مع العراق وفق صیغة الكونفدرالیة تأتي بالعمل بشكل خلّاق من قبل أصحاب القرار في بغداد علی الإختلاف الواقع والإعتراف بنتائج الإستفتاء بإعتبارها مصدر غنی ومجالاً للتفاعل المثمر والبناء لا العکس.
نعم القیادة الكوردستانیة لا ترفض باب الحوار الجاد والشفاف مع حکومة بغداد حول الخلافات الرئیسیة و المشاكل المزمنة كمسألة ترسیم الحدود والعلاقات المستقبلیة بین الجانبین، كذلك ترید العمل والتنسيق مع دول الجوار والدول الصديقة و الجهات والمنظمات الدولیة الداعمة لحق شعب كوردستان في تقريرمصيره وإقامة دولة المستقبل.
للأسف بعض من القیادات والساسة العراقیین لا یعترفون بقواعد السیاسة والعمل السیاسي المعاصر، یستخدمون وسائل إعلامهم بشكل منظم للهجوم علی شعب كوردستان ورموزه السیاسیة، بقدر ما یستعملون عبارات الكراهية والتهديدات مباشرة وغير المباشرة لإستهداف کل ما یرتبط بقیم شعب كوردستان دون وضع إعتبار أو إستثناء.
فسیاساتهم القائمة علی مقتضی الهوی والمزاج الطائفي لا علی مقتضی العقل والتخطیط والحساب الدقیق للموارد السیاسیة وكیفیة استخدامها استخداماً رشیداً کانت تهدف خلال و بعد إجراء الإستفتاء الی تسعیر خطاب الکراهیة ضد شعب كوردستان.
بعملهم المغطی بعباءة الایدیولوجیات الطائفیة و بإتخاذهم قرارات سیاسیة بعد إستقبالهم إملاءات من دول الجوار أبتعدوا في سیاستهم عن النظر بعین الممکن الی الواقع لتحقیق التوازن الضروري بین الممكن الواقعي وبین الواجب الفكري والأخلاقي لتأسیس شرعیة العمل السیاسي التقدمي في البلد.
إن معاداة عملیة الإستفتاء من أجل الإستقلال و عدم الإحتراف بنتائجها كحقق شرعي لشعب كوردستان والإصرار علی رفض الحوار لحل الـشاکل العالقة والعمل علی إستخدام الحصار الإقتصادي ضد الشعب الكوردستاني لاتنتج غیر أزمات ترتد سلبا علی مستخدمیها. الیوم یخطوا شعب كوردستان بكل إقتدار نحو الدیمقراطیة مع إیمانه العمیق بمبدأ اﻟﻣﺳﺎواة اﻟﺗﺎﻣﺔ بین الجنسین واﻟﻣواطﻧﺔ اﻟﮐﺎﻣﻟﺔ وفصل الدین عن الدولة فضلاً عن قواعد الشراكة والتوأمة والحمایة والرعایة، فهو یرید أن یظهر في عصر الرقمنة الشاملة كفاعل جدید في المنطقة وعلی الدول والأمم المتقدمة الحرة والصدیقة علی هذه الفسیحة الإعتراف بالدور الإیجابي لهذا الشعب في محاربة الإرهاب و دعم مشروعه الدیمقراطي.
فالضغوطات السیاسیة والإقتصادیة من قبل بغداد و دول الجوار الغیر منطقیة تقوي إرادة شعب كوردستان وتسرّع حرکة قطار الإستقلال نحو الهدف المنشود وهل من المعقول أن نعیش طوعاً مع منْ لا یحبنا؟