2019-11-25 10:51:50

زيارة نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس الى إقليم كوردستان، في 23 تشرين الثاني 2019، ولقائه مع رئيسي الاقليم نيجيرفان بارزاني، والحكومة مسرور بارزاني، وتأكيد بنس أهمية التحالف بين واشنطن وإقليم كوردستان والعمل مع الكورد للوصول للسلام والرفاهية في المنطقة. وأشادته ببسالة البيشمركه، وتشديده على إن قوات بلاده باقية في سوريا والعراق لتعزيز الشراكة مع الحلفاء. وقوله لبارزاني: (فخامة الرئيس شكراً لكم على إعطائي هذه الفرصة، وسماحكم لي اليوم أن أكون هنا، ومن هنا استغل الفرصة لأبلغكم شكر الرئيس دونالد ترمب وشكر الولايات المتحدة الأمريكية، للشعب الكوردي). وقوله: (كما أؤكد على دور الكورد كحلفاء مهمين للولايات المتحدة في المنطقة). أصبحت محور حديث الإعلام العالمي ومحل اهتمام دولي، وعدم زيارته لبغداد، سواء بسبب التظاهرات التي تعمها، أو بسبب الفجوة الكبيرة في العلاقات بين العراق وأميركا والتي مازالت تتسع وتزداد، أو بسبب الكشف عن مئات التقارير الاستخباراتية الإيرانية المسرّبة التي تظهر عمق نفوذ طهران في العراق، أثارت جدلا واسعاً لدى سياسيين عراقيين أضاعوا الفرص، وشتتوا المجتمع ودمروا العلاقات الإنسانية والاجتماعية، ونشروا عدم الثقة بين الناس، وغيبوا القوانين وقواعد التعامل بين أفراد المجتمع، وغيبوا سلطة القانون واستبدلوها بالنفاق. ولدى نواب انقضى رصيدهم ورأسمالهم الذي كانوا يظنون أنه سيدوم إلى الأبد، وبكلماتهم الرومانسية، أخذوا يتحدثون بأصوات تضجّ بالنقد عن السيادة وإنتهاكها، دون أن يشعروا بأن السيادة العراقية مخترقة ومنتهكة منذ سنوات من قبل كل من هب ودب، ويسترسلون في الحديث والتنظير عن هذه الزيارة وأهدافها ونتائجها بصيغ جازمة.

بعيداً عن النصائح المجانية التي أطلقت، والتي تدعو الى عدم المجازفة والتعويل على أمريكا، وعدم الانجرار وراء توجهاتها وعدم الوثوق بوعودها وترتيباتها، وتكرر غدرها خلال السنوات الماضية، وعدم غفران ونسيان تعرض الكورد لخيانات متتالية من الصعب تجاوز مخلفاتها. وبعيداً عن حالات نفاق مزدوجي الشخصية في القول والفعل، الذين غاب عندهم قيم الصدق والأمانة واحترام الذات وعزة النفس، وكذلك الذين نجدهم في الكلام يخوضون في المثاليات والحكم والمواعظ ، ويظهرون غير ما يبطنون، وبالذات عندما يقفون أمام أبواب السفارة الأمريكية، أو باب البيت الأبيض الأمريكي وهم يكيلون لسيده التمجيد والمديح بالقنطار ويصفونه بصفات الإطراء والثناء، ظناً منهم أنه سيأخذ بيدهم إلى السمو والارتقاء.

وبعيداً عن الإنفعال والعاطفة نستقرىء تغريدة نيجيرفان بارزاني، كما نستقرىء تغريدة مايك بنس على موقع تويتر. حيث نجد فيهما ما يثبتان أن سياسة رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني ورؤيته الاستراتيجية الواعية في مواجهة التحديات لنصرة القضية الكوردية العادلة والمشروعة، تمثل امتداداً لسياسة الرئيس مسعود بارزاني، وجميعها تتمحور حول شحذ الهمم على المزيد من العمل، وضرورة تحمل المهام من أجل خدمة الكوردستانين وتلبية تطلعاتهم وطموحاتهم طبقاً لمقررات الشرعية الدولية متمثلة في لوائح حقوق الانسان، وتؤكد  المقدرة الفائقة على الإبحار وسط الأمواج التي تتلاطم في بحر المنطقة، وفي التعاطي بحرص وحكمة وتأني شديد مع المتغيرات، التي تشهدها المنطقة. كما نستطيع أن نتلمس فيها ركائز الثوابت  الكوردستانية والموقف حيال مختلف القضايا الداخلية والخارجية على حد سواء، و تعزيز العلاقات الكوردستانية مع جميع الدول، وفي مقدمتها دول الجوار والدول الكبيرة ذات التأثير على القرار في المحافل الدولية. كما يمكن القول أن مايك بنس في زيارته لأربيل، رغم قصرها، قد وجه العديد من الرسائل الى مختلف الأطراف. أما قضية فهم محتواها، فإنها متروكة للذين تعنيهم تلك الرسائل، ومدى إستعداهم للفهم .