شهيد عامل من دولة بنغلاديش، يدير بكفاءة عالية محلاً كبيراً للتسوق في احد أحياء بغداد، لقاء أجر رمزي. في المقابل أنخرط أربعة من مواطنيه في عصابة قامت باحتجاز عدد كبير من العمال البنغلاديش في منزل وسط الكرادة،وساومت ذويهم على دفع فدية لإطلاق سراحهم،في قضية نظرتها محكمة تحقيق الكرادة.
صورتان تلخصان واقع العمالة الوافدة في العراق، وتأثيراتها المجتمعية سلباً وإيجاباً. ففي حين لاينكر الدور الكبير الذي تلعبه العمالة الوافدة في زيادة العملية الإنتاجية، وخفض تكاليفها. وإشغال بعض المهن التي تتطلب خبرات معينة، أو مهارات خاصة. نجد أن تلك العمالة تحولت إلى مشكلة حقيقية تستدعي التصدي العاجل لها.خاصة مع عجز الدولة عن توظيف مواطنيها، وارتفاع معدلات البطالة.وتحول ميزان العمل في القطاع الخاص لصالح العمالة الوافدة.إذ بات أصحاب العمل يفضلون العامل الوافد، بسبب انخفاض أجوره،وقلة متطلباته.
والعمالة الوافدة في العراق تولت تنظيمها عدد من التشريعات.إذ نص قانون إقامة الأجانب رقم( 76 لسنة 2017 )،على آلية دخول الأجانب إلى العراق،وشروط منحهم سمة الدخول.وعرف قانون العمل رقم ( 37 لسنة 2015) في المادة (1/ثالث وعشرون) منه،العامل الأجنبي بوصفه "كل شخص لايحمل الجنسية العراقية يعمل أو يرغب بالعمل في العراق بصفة عامل....." وتطرق إلى الأحكام الخاصة بتنظيم عمل الأجانب في الفصل الخامس منه،المواد (30-36).والتي اشترطت حصول العامل الأجنبي،على إجازة العمل التي تصدرها وزارة العمل لقاء رسم معين. كما نظمت العلاقة بينه وبين صاحب العمل.أما الجزاء المترتب على مخالفة تلك الأحكام،فيتمثل بالغرامة التي تقدر بثلاثة أضعاف الحد الأدنى للأجر اليومي أو الشهري،والتي تفرض على صاحب العمل. وخول القانون وزير العمل إصدار تعليمات خاصة باستقدام وتشغيل العمال الأجانب في العراق.والتي لم تصدر لغاية الآن. إذ لاتزال (تعليمات ممارسة الأجانب للعمل في العراق رقم 18 لسنة 1987)هي التعليمات النافذة.وبالرجوع إلى نص المادة الرابعة من التعليمات المذكورة، نجد أنها اشترطت شرطين لإصدار إجازة العمل. أولهما مراعاة مدى حاجة العراق إلى الأيدي العاملة الأجنبية، وثانيهما تأييد الدوائر الأمنية المختصة عدم وجود مانع أمني.
وتكون مدة الإجازة سنة واحدة،تجدد وفق متطلبات الحاجة. كما أن التعليمات المذكورة استثنت رعايا الدول العربية من الحصول على تلك الإجازة. وغير ذلك من الأحكام التي تضمنتها واليها نحيل منعاً للإطالة.
مما تقدم بيانه، نجد أن خطة المشرع العراقي في تنظيم عمل الأجانب لم ينتظم عُقدها لغاية الآن.إذ على الرغم من مضي أربعة أعوام على إصدار قانون العمل، لم تصدر تعليمات تشغيل الأجانب. ولاتزال التعليمات السابقة هي النافذة، على الرغم من تناقضها مع قانون العمل النافذ. نتيجة لاختلاف السياسة التشريعية، خاصة ما يتعلق باستثناء العرب من الحصول على إجازة العمل. والتي تناقض تعريف العامل الأجنبي في القانون الحالي، بوصفه كل من لا يحمل الجنسية العراقية. أي أن رعايا الدول العربية مشمولون بشرط الحصول على إجازة العمل.
إن المعالجة الحقيقية لمشكلة العمالة الوافدة، يجب أن ترتكز على مبادئ حماية العامل العراقي، وإعطاءه الأولوية في التشغيل. من خلال رفع الرسوم المفروضة على أصحاب العمل الراغبين بتشغيل الأجانب، لرفع كلفة العامل الأجنبي. وعدم التوسع في منح إجازات العمل للأجانب.وتفعيل دور لجان التفتيش التابعة لوزارتي العمل والداخلية،لتفتيش أماكن العمل، والتأكد من سلامة التأشيرات،وإجازات العمل والإقامة.و إجراء التفتيش الأمني للمناطق التي يتواجد فيها العمال الأجانب،خشية من تحولها إلى بؤر للجريمة والإضرار بأمن المجتمع.والإسراع بإصدار تعليمات تشغيل الأجانب. وان تتضمن تلك التعليمات عقوبات مشددة على المخالفين لأحكامها.