2018-02-25 11:53:00

كيف يمكن للشباب ان يلعبوا دوراً فاعلاً في اصلاح العملية السياسية؟

 

العملية السياسية كانت ولازالت عرجاء منذ عام 2003 حتى يومنا هذا بسبب الكثير من السياسات الخاطئة والتي طبقت منذ اليوم الاول للاحتلال حتى يومنا هذا، لا أريد فيما سأدونه في هذا المقال من التطرق الى هذا الامر اي السياسات غير الصحيحة لان الحديث فيه ذو شجون وسيطول، ولكني اريد ان اتطرق الى الشخوص الذين تسنموا السلطة في البلد منذ ذلك اليوم حتى يومنا هذا.

استطيع ان ادعي للأسف الشديد ان السلطة قد آلت إلى اناس تسنموا حكم البلد وادارته اغلبهم عن طريق الصدفة، وللأسف ايضاً نجد ان نسبة عالية من هؤلاء سواء على مستوى مجلس النواب ام على مستوى الوزارات انهم اناس يفتقرون للكفاءة، بل اكثر من ذلك حيث ان نسبة كبيرة منهم هم من المفسدين؛ ولكن نجد في الطرف الآخر وفي نفس الوقت ان بلدنا ينعم بأعداد غفيرة من المواطنين الاكفاء والمخلصين لبلدهم سواء كان هؤلاء داخل العراق او خارجه، واغلب هؤلاء المواطنين هم من جيل الشباب الاكثر حيوية والاكثر نشاطاً؛ امام هذا الواقع نجد انه لا يمكن اصلاح الوضع إلا بإزاحة اغلب افراد الطبقة الحاكمة من المفسدين وغير الاكفاء من اعضاء مجلس النواب ومن وزراء ومدراء عامين ورؤساء هيئات وغيرهم واستبدالهم بمن هم خارج دائرة الحكم، او في مراتب وظيفية غير قيادية وبالذات من طبقة الشباب من الاكفاء والمخلصين؛ هذا هو الوضع والحال الامثل لإصلاح وضع البلد ..........

 

ولكن هل حقاً يمكننا تحقيق ذلك؟

 

وإن كانت تلك الامكانية متوفرة فما هو السبيل لتحقيقها؟؟؟

 

 هذا ما سنتناوله في البحث الذي سيكون على ثلاث حلقات وهي:

 

1.الحلقة الاولى: الطبقة السياسية الحالية الحاكمة، كيفية وصولها الى حكم البلد، مؤهلاتها، امكانياتها، سلبياتها وإيجابياتها، فسادها وكفاءتها، عناصر قوتها، امكانية ازاحتهم عن السلطة بالطرق الديمقراطية.

2.الحلقة الثانية: المواطنين الاكفاء والمخلصين ممن هم خارج المناصب القيادية من الشباب بالدرجة الاولى، مؤهلاتهم، امكانياتهم، سلبياتهم وايجابياتهم، عناصر قوتهم، امكانية وصولهم الى السلطة بالطرق الديمقراطية.

 

3.الحلقة الثالثة: التخطيط الفاعل والقادر على التخلص من الطبقة الحاكمة من الفاسدين وغير الاكفاء، وتمكين الطبقة المخلصة والكفوءة وبالذات من الشباب من الوصول إلى السلطة وقيادة البلد في أقصر فترة زمنية ممكنة بالطرق الديمقراطية.

 

الحلقة الاولى

 

تولى أكثر افراد الطبقة السياسية الحاكمة المناصب القيادية في البلد عن طريق الصدفة؛ نعم كان هنالك قلة من المناضلين الحقيقيين ضد النظام السابق، وهناك قلة من شيوخ العشائر الحقيقيين ذوي الشهامة العالية، وقلة من الكفاءات المخلصة ضمن الفترة السابقة، ومن المتصدين الجدد؛ وللأسف الشديد تم ازاحة الكثير من الكفاءات المخلصة للبلد بطرق مختلفة لعل احدها كان تحت مسمى الاجتثاث الذي طبق بانتقائية كبيرة في اجتثاث غير الموالين وان كانوا اكفاء، ورفع الاجتثاث عن الموالين وان كانوا في قمة الفساد؛ ونجد ان الكثير من الطبقة السياسية الحاكمة قد تولوا المنصب من خلال القوائم المغلقة لمجلس النواب خلال الفترات السابقة، ومن خلال التملق للحكام الجدد، ومن خلال الانتماءات الحزبية، ومن خلال الولاء للخارج؛ نعم اثبت البعض كفاءةً في الحكم، ولكن للأسف الكثير من هؤلاء العديمي الكفاءة والاخلاص انغمسوا في الفساد واوصلونا الى هذا الوضع السيء والمزري للبلد.

لازال الكثيرون من هذه الطبقة السياسية يتمتعون بخبرة سياسية عالية بحكم نضالهم وعملهم السياسي في السابق والحاضر، ولكن إذا انعدمت النزاهة والاخلاص فإن هذه الخبرة السابقة ستغدو وبالاً على وضع البلد ويمكن ان تقود البلد إلى الهاوية وكما هو حاصل الآن.

ان عناصر قوة المفسدين منهم هي انتماءاتهم الحزبية، فضلاً عن المبالغ المالية الضخمة التي اصبحت في جعبتهم بسبب السرقات والفساد، فضلاً عن خداعهم للجماهير التي انتخبتهم بمزاعمهم المخادعة ووعودهم الباطلة.

فالمعول على الشباب ان يتحركوا ويخططوا من اجل قلب المعادلة وإزاحة الطبقة الفاسدة من الحكام الحاليين وهذا ما سنتناوله ببعض التفصيل في الحلقات القادمة إن شاء الله، لأن ما يظهر من قوة وهيمنة وسيطرة واستحواذ الفاسدين على الحكم يمكن احالته الى ضعف وهوان وتقهقر وخوف ولكن ذلك لا يتحقق إلا بالتخطيط الصحيح والتحرك الفاعل وبذل الجهود المخلصة؛ فكلمة الشاعر التونسي ابو القاسم الشابي اصبحت شعاراً لكل الثائرين على الجور والظلم والفساد والطغيان في قوله:

إذا  الشّعْبُ  يَوْمَاً  أرَادَ   الْحَيَـاةَ          فَلا  بُدَّ  أنْ  يَسْتَجِيبَ   القَـدَر"

فالواجب الملقى على عاتق المخلصين وبالذات الشباب منهم هو ارادة الحياة ورسم منهج مدروس للتحرك، والسعي الجدي للتغيير والتبديل، والمثابرة الصادقة والمخلصة لاستبدال الواقع السيء والرديء إلى واقع صالح وطيب ونزيه؛ فهؤلاء الفاسدون إن تحرك المخلصون بجد واخلاص وتخطيط سليم ستظهر عناصر ضعفهم التي يمكنها ان تنهي حياتهم السياسية في المستقبل المنظور؛ ولكن عناصر الضعف تلك لا يمكن تفعيلها إلا بالتخطيط الدقيق والجهد البالغ والعمل الدؤوب؛ فعنصر قوة الكثير من المفسدين في انتمائهم الحزبي على سبيل المثال سيزول بمجرد خروج الحزب الحاكم من السلطة بعد تولي المخلصين للحكم؛ فالأمر لا يعدو قضية وقت في مسار البلد في عملية تداول السلطة ديمقراطياً، اما ما يتمتعون به من سلطة بسبب ما يمتلكونه من اموال الفساد فان هذه السلطة ايضاً لن تدوم، وسيأتي اليوم  الذي ستكون تلك الاموال وبالاً عليهم، فمن منظار السنن الالهية هي ابتلاءهم في أنفسهم والقريبين عليهم، ومن جانب السنن والقوانين الوضعية فإن عقابهم الاجتماعي هو تشوه صورتهم والقريبين عليهم وسوء سمعتهم بين الناس ثم مآلهم الاخير هو السجن، هذا ما شاهدناه وتعلمناه من الواقع ومن تجارب التأريخ؛ اما مزاعمهم الكاذبة، فقد استبانت حقيقة بعضهم والآخرين ستستبين حقيقتهم عاجلاً ام آجلاً ولن يطول منهج خداعهم للمواطنين وعلى اثرها سوف لن يستمر مسلسل انتخابهم.

سنتناول الخطط المطلوب تنفيذها والخطوات التي يجب اتخاذها لتحقيق ما تطرقنا اليه اعلاه في الحلقة الثالثة من هذا الموضوع ان شاء الله.

اما امثلة الفساد لهذه الفئات، وفقدانهم للكفاءة، وخداعهم لمن انتخبهم، فانه لا يمكن احصاؤها وقد نشرت في الكثير من وسائل الاعلام خلال السنين السابقة وعلى نطاق واسع، ولكني أحب في هذه العجالة ان اذكر بعض النماذج التي عايشتها لعلها تزود القارئ الكريم ببعض الامثلة وتقربه من الواقع:

 

  1. في عام 2006 بعد بضعة أشهر من تولي وزارة الاتصال جاءتني إحدى النائبات الى الوزارة واخبرتني انها من لجنة العمل والخدمات في البرلمان وإن شؤون وزارة الاتصالات ترجع إليهم، فاهتممت بها وبدأت اشرح لها مشاريع الوزارة، ولكني تفاجأت بانها لا تفقه شيئاً مما اقول. فاستغربت من شأنها وسألتها ان كانت ترغب بشيء من زيارتها، فقالت: أنى جئت اليك لتعطيني سيارة من سيارات الوزارة، فأجبتها بأني سأستدعي المستشار القانوني وكان حينها المرحوم (السيد حسين الشمري)، فكانت إجابته بالإيجاب لعدم تخيله ما كانت تقصده وقال لها: في اي يوم ترغبين بزيارة أحد مشاريع الوزارة فاخبرينا لنرسل لك سيارة لإيصالك للمشروع؛ فأجابت: كلا، انا اريد سيارة تكون ملكي، فتفاجأ المستشار وقال: كيف نملكك سيارة وهي بذمة الوزارة؟؟ (هذا نموذج من النواب الذين يمثلون الشعب وعقليتهم؛ لا يفقهون من مجيئهم لمجلس النواب الا تحقيق المصالح الشخصية فقط ولا علاقة لهم بمصالح البلد والمواطنين)

 

  1. في عام 2007 عندما كنت وزيراً بدأنا مع وفد من الوزارة بزيارات مكوكية الى البرلمان للنقاش مع لجنة العمل والخدمات لمناقشة قانون الاتصالات، لقد كان عدد لجنة العمل والخدمات حوالي ال 25 عضواً وكان قانون الاتصالات من صلب عملهم، في اول جلسة حضر تقريباً جميع افراد لجنة العمل والخدمات، وخلال الجلسة لم يتبق إلا ثلاث اعضاء لان الآخرين لا يفقهون ما نتحدث به، وفي زياراتنا المتتالية لم نجتمع إلا مع هؤلاء الثلاث، وإن حضر شخص آخر فإنه يبقى متفرجاً(هذه حقيقة كفاءتهم؛ في حين انه من المفترض انهم أكثر الناس معرفةً لانهم يشرعون اهم القوانين التي ستحدد مستقبل البلد، بين امكانية ازدهاره وتطوره، وبين تقهقره وانهياره، كما هو حاصل الآن)

 

  1. في بداية عام 2008 عندما تركت الوزارة والتحقت مرة اخرى بالبرلمان، تفاجأت بالمستوى العلمي الضحل لأغلب اعضاء البرلمان، وعندما كنت اقارن بين اعضاء البرلمان وموظفي وزارة الاتصالات اكتشفت لعله الموظفين في أدنى السلم الوظيفي في الوزارة أفضل من الكثير من النواب من اعضاء مجلس النواب(هذا حال النواب في دورة عام 2006 – 2010، ولا علم لي بالنواب المعاصرين الذين لا معرفة لي باغلبهم)

 

  1. قامت إحدى النائبات عام 2013 (لا أرغب بذكر اسمها) بالافتراءباطلاً والزعم ان مشروع الكابل الضوئي الذي يمر باقليم كردستان وتركيا باتجاه اوربا ستقوم اسرائيل بالتجسس عليه، وفي الواقع انه من المستحيل امكانية التجسس على الكابل الضوئي من على البعد من اسرائيل؛ ومن المفارقات إن وزارة الاتصالات كانت قد انشأت خلال فترة وزراء الاتصال السابقين كابلات تمر في الاردن ثم الى اوربا والخطورة في هذا الخط انه يمر بإسرائيل ويقطعها من الشرق إلى الغرب، هذا إن دل على شيء فإنه يدل على إن هذه النائبة اما ان تكون انسانة جاهلة ليست مؤهلة لأن تكون نائبة تمثل الشعب، او انها تستهزأ بعقول المواطنين الذين انتخبوها، فتزعم لأهداف سياسية بحتة ان الكابل الذي يمر من خلال شمال العراق وتركيا يخضع للتجسس الاسرائيلي وتتغاضى عن تجسس اسرائيل للكابل الذي يمر في ارض اسرائيل!!!

وقد قام رئيس الوزراء السابق المالكي بتفعيل العقد بشأن الكابل الضوئي الذي يمر بإقليم كردستان، ولم تنطق هذه النائبة ببنت شفة بشأن تفعيل هذا العقد بنفس الشروط ومع نفس الجهة، الغريب في الامر ان هذه النائبة قد اعيد انتخابها بعد هذه الحادثة (هذا هو حال بعض النواب في استهزائهم بعقول ناخبيهم مع اعادة انتخابهم من قبل المواطنين الذين خدعوا بهذه الاساليب الخبيثة).

 

(بقية الموضوع في الحلقات القادمة)