2018-03-28 14:03:00
شهدت الساحة السياسية على مستوى الوطن العربي قبل سنوات تظاهرات وإحتجاجات عارمة بإسم الربيع العربي , عمت غالبية عواصم الدول العربية مدعومة من قبل أجندات سياسية خارجية , هدفها تغيير الواقع السياسي العربي ذات النظرة الشوفينية العنصرية المقيتة , ورسم خارطة طريق جديدة والإطاحة  بأنظمة الحكم الشمولي , والتي لا تتماشى وأهداف اللوبي الصهيوني حيث عصفت برؤوس أقطاب الفكر القومي العربي المناهض للأيدولجيات السياسية الدخيلة على المجتمع العربي .
لكن مانشهده اليوم من تظاهرات في إقليم كوردستان العراق لا ترتق الى مستوى الربيع العربي كالذي حدث في  بعض الدول العربية , بعدما روجت له بعض القنوات الفضائية المأجورة  وراهنت عليه بعض الكتل السياسية , لوجود قواسم مشتركة بين مكونات المجتمع الكوردستاني كوحدة الأرض والدين واللغة والهدف الإسترتيجي المشترك الذي ناضل من أجله الكورد لعقود خلت ضد الدكتاتورية والطغيان , بالرغم من وجود أطراف سياسية تغرد خارج السرب لغايات هم أدرى بنتائجها السلبية على الموقف الكوردي , تجاه التحديات التي تواجه الإقليم في هذا الظرف العصيب من تاريخ كوردستان المعاصر, وما يعانيه من ضائقة مالية حادة نتيجة الإجراءات التعسفية التي إتخذتها  حكومة بغداد بعد أحداث السادس عشر من  إكتوبر المنصرم , لتهميش الكورد وإستخدام سياسة لي الأذرع  ونظرية الغالب والمغلوب والقبول بالأمر الواقع .
لقد سارعت حكومة إقليم كوردستان العراق بإتخاذ الإجراءات الإصلاحية قبل إندلاع التظاهرات  من أجل حل مشكلة الرواتب المدخرة للموظفين  لعدم كفاية المبالغ المرسلة من بغداد والمقررة ظلماً في الموازنة السنوية لعام 2018 لجميع موظفي الإقليم , بحجة  توزيعها حسب النسب السكانية لكل محافظات العراق  , بعد قطع حصة إقليم كوردستان منذ عام 2014 , إنطلاقاً من شعورها العالي بالمسؤولية الملقاة على عاتقها .
كان من الأجدر على من تسول له نفسه للقيام بزعزعة أمن الإقليم وإضعاف وحدته والمطالبة بتغيير الحكومة , من خلال قيادة التظاهرات وتسييسها لغايات لا ندرك مدياتها , وإذعانه للمزايدات الوطنية الطنانة والتي لا تضفي الى نتيجة , أن يلتف حول القيادة  الحكيمة  للسيد نيجيرفان البارزاني  ويكون يداً واحدة  لمواجهة التحديات  المصيرية التي يشهدها  الإقليم , ويعمل على لم  شمل البيت  الكوردي وترميمه  , لا سيما والإنتخابات  النيابية على الأبواب .
لكن كل الذي يجري على الساحة السياسية في إقليم كوردستان العراق ليست سوى غمامة صفراء عابرة  في يوم ضبابي لتنسج الشمس خيوطها الذهبية على قمم جبال كوردستان الشماء وسهولها الغناء ,  بعد غياب مؤقت خلف غيوم سوداء كثيفة كادت أن تودي بالإقليم الى عاصفة هوجاء وهزة سياسية , لولا الدبلوماسية الذكية والحنكة السياسية لرئيس وزراء إقليم كوردستان السيد نيجيرفان البارزاني وتداركه للموقف من خلال تحليه بالصبر وكسب ثقة دول العالم ,  ليعود بالإقليم الى سابق عهده كما كان .
 وختاماً أقول كما قال المثل ( إن المُجرب لا يُجرب ) .