يبقى السؤال عن الكتلة الأكبر مفتوحا، فتجاوز عقبة تسمية رئيس الوزراء لا يحل من حيث الأصل موضوعها الأساسي، وهي الكتلة التي تتشكل منها الحكومة، وتكون مسؤولة امام مجلس النواب، والمفترض أن تقابلها كتلة المعارضة، وهي المرآة العاكسة لعمل الحكومة والمقوِّمة للأداء.
يتضح عند النظر في نتائج الانتخابات، وما اسفرت عنه من مقاعد، ان موازين القوى لم تكن لصالح قوى الإصلاح والتغيير، بحيث تمكنها بسهولة ويسر من تشكيل حكومة اصلاح واضحة المعالم، تنفذ برنامجها كما أعلنته وبشرت به، وتخرج النظام من مأزق المحاصصة ونتائجه الكارثية. ولا يتناسب تمثيل حركة الإصلاح نيابيا مع ثقل الحركة الشعبية الواسعة المطالبة بالإصلاح. صحيح ان تحالف سائرون حصد اكبر المقاعد، لكن عدد مقاعده لا يؤهله أن يشكل الكتلة الأكبر ويحصل على الاكثرية في البرلمان. وهذا ما جعل امر تشكيل حكومة إصلاحية، موضع قلق وترقب!
وضعت سائرون معاناة الناس واوجاعهم والحرمانات التي يعيشون تحت وطأتها والأزمات الكارثية، نصب اعينها، ودراستها للازمة وآفاق حلها، كما تناولت إمكانيات تأثيرها المعنوي الى جانب حجمها الجماهيري، بالإضافة الى الزخم الشعبي المتصاعد والمتنامي المطالب بالخلاص من المحاصصة والفساد والعنف والجريمة المنظمة وانتشار السلاح والانفلات في استخدامه والنقص الكبير في الخدمات، وجعلت من كل ذلك مادة للضغط من اجل تشكيل حكومة انتقالية، تختلف في منهجها عما درجت عليه حكومات المحاصصة السابقة.
ومن اجل ان تحصر نطاق المحاصصة وتحاصر منهجها، آلت على نفسها عدم التزاحم على المناصب، وعدم الاشتراك في الحكومة، فاسحة في المجال لرئيس الوزراء المكلف الدكتور عادل عبد المهدي، ان يختار وزارته بحرية، دون ضغوط المحاصصة البغيضة. وبهذا المعنى ارادت ان تسقط التبريرات القائلة بفرض وزراء فاشلين وفاسدين من قبل المتنفذين، التي طالما سمعناها من رؤساء الوزراء السابقين. كذلك هو قطع لحجة كل من يحاول ان يعيد انتاج المحاصصة بذرائع مختلفة بينها الاستحقاق الانتخابي!
خطت سائرون هذه الخطوة، انطلاقا من موقف معارض إيجابي. فمن جهة تدعم رئيس الوزراء ضمن وجهة مغادرة منهج المحاصصة، وتشكيل حكومة كفاءات فعالة قادرة على تنفيذ برنامج واقعي، وتعارض تسمية الفاسدين والفاشلين وغير الأكفاء كوزراء او كدرجات خاصة.
كما انها حينما تدعم الحكومة وتسهل تشكيلها، ولا تتزاحم مع الاخرين على المواقع الوزارية، إنما توفر مساحة مهمة للإصلاح. وفي الوقت نفسه تؤكد ان من غير الممكن استمرار الحكومة وبقاءها في الحكم، في حالة عدم تنفيذ البرنامج.