بشرة سمراء، وعيون واسعة، وشعر مجعد، ترتبط تلك الصورة في أذهاننا دائما بهؤلاء ممن يسكنون بعض دول القارة الإفريقية، وذلك التشابه الكبير في الملامح بينهم يطرح بعض الأسئلة عن السر وراء تلك البشرة السمراء وأسباب تجعد الشعر لدى أغلبهم بهذه الطريقة، فهل لطبيعة البلاد التي يسكنونها يد في ذلك أو هي جينات وراثية أم أن هناك أسباب أخرى.
بالرغم من انتشار موضة شعر الكيرلي الراستا وضفائر الشعر المختلفة بين أصحاب البشرة البيضاء، إلا أنه عند أصحاب البشرة السمراء الأمر مختلف، فهي ليست مجرد موضة، ولكنها طبيعة شعر فرضتها عليهم الأجواء التي يعيشون فيها.
التكيف، هو كلمة السر في انتشار البشرة السمراء والشعر المجعد لدى الأفارقة، هكذا تحدث الدكتور عباس شراقي، أستاذ مساعد بكلية الدراسات الإفريقية، في تصريحات خاصة لـ"الوطن"، مضيفًا أن ارتفاع درجات الحرارة في تلك البلاد ساهم في جعل بشرة الجسم داكنة، فصبغة الميلانين الموجودة في هذا النوع من الجلد تساهم بشكل أكبر على تحمل درجات حرارة عالية لا يتحملها أصحاب البشرة البيضاء.
أما العامل الثاني وفقاً لـ" شراقي" هو الجينات المتوارثة، والتى تنتقل من الآباء إلى الأبناء، وتظهر بوضوح في المجتمعات الصغيرة، كالقبائل الأفريقية التي يتميز أفرادها بأطوالهم العالية.
وأوضح أن طبيعة الشعر الخشن والهش المجعد تحمي أنسجة الجسم من أشعة الشمس الضارة، وهي أحد صور تكيف الجينات مع الطبيعة، إضافة إلى الأذرع الطويلة لتناسب الأعمال التى يقوم بها الأفراد هناك مثل قطع الأشجار والزراعة.
الشعر الخشن يتوافق مع نقص المياه
لماذا الشعر الخشن والهش هو السائد؟ يجيب الدكتور تامر محمود أحمد، مدرس أنثروبولوجيا الطبيعية بكلية الدراسات الطبيعية بجامعة القاهرة، قائلا إن الطبيعة الصحراوية للقارة السمراء وارتفاع الحرارة وشح الماء، كانت الأسباب وراء ظهور الشعر الخشن، حيث أن نسبة تركز الهيدروجين ومادة الببتيد تزداد في رؤوس الأفارقة، وهي مواد لا تتفق مع وجود الماء، فهي تنهار في وجود هذا العنصر، لذلك يتميز الشعر بأنه جاف هش بطئ النمو.
وأضاف أن عدد بصيلات الشعر في ذوى البشرة البيضاء يفوق مثيلاتها عند ذوى البشرة السمراء، لذلك نجد أن الشعر الأفريقي "خفيف" من الصعب التعامل معه بالمواد الكيميائية الخارجية.
تسريحات الشعر تختلف حسب المناسبة
ووفقًا لخبير أنثروبولوجيا الطبيعية، فإن طريقة "تسريح الشعر" تختلف حسب المناسبة من قبيلة إلى أخرى، ففي بعض القبائل الإفريقية عندما يريد شخص أن يبدأ حياة جديدة فإنه يقوم "بحلاقة الشعر بالكامل" كرمزية لبداية جديدة.
كما أن تسريحة الشعر تختلف إذا كانت القبيلة على وشك أن تبدأ حرب، أو خلال مراسم الزواج، أو عند الحصول على طفل جديد، خلال موسم الحصاد.
موضات الشعر الأفريقية تحمل معاني دينية مبطنة
في القرون الوسطى كانت قصات الشعر بمثابة هوية تحدد قبيلة الشخص وانتمائه، ووضعه الاجتماعي والخلفية الثقافية، حيث كان يجرى اعتبار الشعر وسيلة للتقرب بين الإنسان والله.
ففي نيجيريا تقوم المرأة بتسريح الشعر بصنع ضفائر على جانبي الرأس للتعبير عن شعورها بالغيرة أو رفض أن تكون زوجة.
أما في السنغال إذا وصلت الفتاة لسن البلوغ ولم تتزوج فإنها تحلق شعرها بطريقة معينة.
استخدمت الضفائر أيضا للدلالة على الزواج والعمر والدين والثروة وحتى المشاعر.
وفي بض الثقافات يمكن تقسيم شعر الفتيات لمربعات وتجميع الشعر لإكسابه تموجات لامعة.
أما تسريحة الراستا، وهي الأشهر والتي يتم خلالها تضفير شعر الفتاة أو الرجل، وهي تستخدم لأصحاب الشعر الطويل، وإذا لم تكن الفتاة تملك طول مناسب من الشعر، فيمكنها استخدام الشعر المستعار بدلا منها.